الأحد 24 نوفمبر 2024

حكايه صياد السمك يوسف

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات

موقع أيام نيوز

انتهى بهما المطاف إلى شرفة واسعة تطل على مرج أخضر فيه من كل شيء بهيج أشجار باسقة وأزهار عطرة وأثمار يانعة عدا النور والقصور التي تحيط به من كل جانب والتي يسكنها الأبيض والأصفر والأحمر والأسود ولما سأل سليم الشيخ عن سر ما يري قال له بصراحة واختصار أنت الآن يا بني في الجزيرة المقدسة وسكان الجزيرة المقدسة من مختلف الأجناس فيهم الأبيض والأصفر والأحمر والأسود. كانوا غرقى فأنقذتهم وكانوا ضالين فأنجدتهم وكانوا مرضى فشفيتهم ثم اصطحبتهم إلى جزيرتي هذه ليسكنوا في قصورها الجميلة ويأكلوا من خيراتها الوفيرة. وهم كما تراهم يعيشون فيها بأمان ولا يعرفون الهموم والأحزان وإنك اليوم واحد منهم وستقيم في قصري هذا ما دمت تذكر أهلك وتحن إلى وطنك ومتى سلوت الأهل ونسيت الوطن فسيكون لك قصر بين قصورهم وستعيش معهم بسلام والآن هذه غرفتك فيها كل ما تطلب وتتمنى ثم مضى شيخ البحر إلى جناحه في القصر من عناء السفر. وبقي سليم وحده الشام ليستريح على الشرفة حائر الفكر شارد الذهن وبعد مدة قصيرة من الزمن أحس بتعب شديد فدخل إلى غرفته واستلقى على سريره وراح يغط في نوم عميق. أما الصياد المسكين يوسف فعندما غابت الشمس ولم يحضر ابنه سليم إلى البيت فإنه ترك زوجته المړيضة وولديه الصغيرين وخرج من
البيت ليسأل عن ابنه في كل بيت من بيوت القرية كان يسأل عن سليم رفقاء سليم ورفيقاته ولما لم يجده ذهب إلى شاطي البحر ولم يترك صخرة من صخور الشاطئ إلا وقف عليها وصړخ بأعلى صوته سليم سليم ولما أعياه النداء عاد إلى بيته كالمذهول وهو لا يصدق أن ابنه البار سليم يتركه ويترك أمه المړيضة وأخويه الصغيرين فهو سيرجع إليهم حتما لأنه يحبهم ولما اقترب الصياد المذهول من بيته سمع صياح ولديه نبيل وسعاد إنهما يبكيان خوفا وړعبا. وما كاد يدخل عليهما حتى ألقيا بأنفسهما عليه ثم سألاه عن أخيهما سليم. فتجلد الأب المسكين وتصبر وقال لهما بصوت خاڤت إن أخاكما سليما سيعود قريبا إن شاء الله. وسيحمل معه العلاج الناجح الذي سيشفي أمكما من مرضها فتتحسن صحتها. وتعود لبيتنا بهجته وسعادته. لقد فرح الصغيران فرحا عظيما بشفاء أمهما القريبة وغلب عليهما النعاس فناما. أما الوالد المسكين فلم تغمض له عين ولم يهدأ له بال. وقضى ليلته خائڤا ساهرا يفكر في مصير ابنه البار سليم. فيتصور تارة أن وحشا كاسرا افترسه ويتخيل تارة أن البحر العاتي ابتلعه ويغمض عينيه هلعا وړعبا وتنهمر الدموع على خديه ويبدأ في النحيب. وأما الوالدة العليلة فإن المړض الوبيل قد برى جسمها حتى لم يبق منه سوى الجلد والعظم. كما انعدم سمعها وانطفأ النور في عينيها فهي لا تسمع ولا تبصر ولا تعرف شيئا مما يجري حولها. لقد مرت الأيام وأبو سليم يهده الحزن ويحلمه اليأس وأم سليم تقترب من نهايتها أما نبيل وسعاد فقد أحسا بالشقاء والفقر يخيمان على بيتهما وشعورا بأن أمهما ستفارقهما إلى الأبد وأن أباهما قد أنهكه مرض زوجته الأمينة وفراق ابنهم البار سليم. لذلك كانا ينتظران كل يوم من الصباح حتى المساء عودة أخيهما سليم قبل فوات الأوان حاملا معه العلاج الناجع لأمهما الحنون والقوة والسرور لأبيهما الوفي فتعود للبيت بهجته وللعائلة سرورها أما الابن البار سليم فكان في الجزيرة المقدسة وكانت تمر عليه الأيام فيحسبها أطول من الشهور والأعوام ولم ينس أهله ووطنه والجزيرة

انت في الصفحة 3 من 5 صفحات