حكايه صياد السمك يوسف
انت في الصفحة 5 من 5 صفحات
انقضت ساعة من الليل حسبها سليم يوما بل شهرا ولم تنقض الساعة التالية حتى دخل شيخ البحر على سليم وأشار إليه أن اتبعني فتبعه حتى وصلا إلى الشاطئ فصعد الشيخ إلى قاربه الصغير وصعد معه سليم ثم أرخى الحبل وسار القارب يشق ماء البحر الذي كان مصقولا كأنه المرآة ورفع سليم رأسه نحو السماء شاكرا رب العلاء وهو يتمنى لو يدرك أمه ويرى أبه ويلتقي بأخويه ولم ينتصف الليل حتى أطل القارب على الشاطئ الثاني شاطئ بلده الحبيب الذي لم ينسه سليم حتى في الجزيرة المقدسة بل زاد حبه له وتعلقه به. وأمام الصخرة ذاتها التي جلس عليها سليم منذ مدة بعيدة أوقف شيخ البحر قاربه ثم ضم سليما بين ذراعيه وقبله على خديه وخاطبه بعطف وحنان أيها الابن البار لقد وصلت إلى وطنك وستلتقي بأهلك وإنني مكافأة لك على إخلاصك ووفائك أقدم إليك هذه الهدية الثمينة إنها خاتم السعادة الذي يشفي المړيض ويغني الفقير ويسعد البائس فاحرص عليه واحتفظ به وانتفع منه. كان سليم يسمع هذه الكلمات المؤثرة وعيناه عالقتان بعيني الشيخ الجليل الذي بدا وكأنه قديس من القديسين أو نبي من الأنبياء تناول سليم الخاتم ووضعه في أصبعه فأحس بالغبطة والسرور يملآن قلبه ثم أمسك بيد الشيخ القديس وقبلها حبا ووفاء وودعه ونزل من القارب وجرى مسرعا نحو القرية وهو يتمنى لو يدرك أمه ويرى أباه ويلتقي بأخويه. وصل سليم إلى بيته وطرق الباب بيده اليمنى ويده اليسرى على قلبه فهو يخشى أن لا يجد أمه فيه ولما انفتح الباب نظر إلى أبيه الواقف أمامه كالمذهول بعين ونظر إلى فراش أمه حيث تركها بالعين الثانية ثم أسرع نحو أمه وانحنى عليها ووضع خاتم السعادة بيدها فدبت الحياة في أعضائها وجرى الډم في عروقها وعاد النور إلى عينيها وانطلق لسانها فقالت وما أحلى ما قالت الحمد لله الذي بفضله غمرني وشكرا لشيخ البحر الذي بخاتمه أنقذنيوفي الصباح زاولت أم سليم عملها في البيت ورجع أبو سليم لشغله الذي يدر على العائلة الكساء والغذاء وذهب سليم ونبيل وسعاد إلى المدرسة. لقد عادت لبيت صياد السمك يوسف بهجته وسعادته وعاد لعائلته هناؤها وسرورها.