روايه اوتار الفؤاد
أمان
ربنا يباركلك يا رب معلش يا حبيبتي دايما لبخاكي بمشاكلي أنا وإخواتي.
كانت صوتها ناعما حينما عقبت عليها
ماتقوليش كده احنا عيلة واحدة.
نردهالك في الفرح دايما تسلميلي يا رب.
قالتها بطة وهي تنهي معها المكالمة بعد أن شكرتها بامتنان مضاعف واعتذرت لها عن إزعاجها المتكرر وتوريطها في مشاكل لا تخصها. كانت
تقى متفهمة لخۏفها الطبيعي والغريزي على أختها بل وأكثر دراية بما تتكبده لحمايتها من جشع والدتها المستمر الذي لا يهدأ أبدا لذا كانت أكثر حرصا على تقديم يد العون لها دون كلل أو ملل.
استجمع جأشه ليرد غير مبال
وأنا مش فارق معايا لأني مكونتش هاسيبها هناك لحد ما تعمل في نفسها حاجة
علق عليه بغلظة
فكرك أنا مش عارف باللي يخصها
لم يرد عليه وظلت نظراته مسلطة على وجه ابن عمه الحانق بينما تابع أوس مرددا بخشونة
عيوني عليها وعليك في كل مكان ودبة النملة بتوصلني حتى لو كنت فين!
وأنا عارف إزاي أجيبلها حقها.
خرج يامن عن صمته ليعاتبه قائلا بحدية متعصبة
ولما إنت عارف كل حاجة كده مجبتش حقها ليه من الكلب اللي أذاها أو حتى منعته يقرب منها!
هدر به صائحا بصوته الجهوري الذي أخرسه
يامن!
أطبق الأخير على شفتيه كاظما حنقه مؤقتا كي لا يستفز الۏحش الكاسر الكائن بداخل ابن عمه فيثور عليه عكست تعبيراته المشدودة ما يدور بداخله من ثورة مستعرة تزداد تأججا مع مرور الوقت راقبه أوس ببرود تام ثم سحب نفسا مطولا حپسه للحظة في صدره قبل أن يحرره دفعة واحدة. استقام في وقفته يرمق يامن بعينين غاضبتين لا تقبل بالغفران اقترب خطوة منه ليربت على كتفه بقوة وهو يقول له عن ثقة مؤكدة
تدارك يامن غضبه وسيطر عليه لحظيا قبل أن يتعهد له
ماشي مستني أشوفك هاتعمل ايه يا باشا بس لو إنت ماتصرفتش فأنا مش هاسكت!!
كان أوس على وشك التهور عليه لاستخفافه بقدراته اللا محدودة واشتدت بالفعل قبضته على كتفه لكنه ما لبث أن تخلى عن اندفاعه ليسأله مباشرة وقد غامت عيناه
ومش هاتسكت ليه هي تخصك في حاجة
أيوه..
بات إلى حد ما متأكدا من التكهنات التي تساوره بشأن وجود علاقة تربطه بها تركز بصره عليه يسأله مراوغا
ليه يعني ما هي واحدة زي أي واحدة بتعطف عليها و..
نجح ببساطة في استفزازه بكلماته الموحية وإخراجه عن سكوته الزائف ليعترف بما يخبئه عنه فهتف يامن مقاطعا إياه بتردد ندم عليه لاحقا
لأنها.. تهمني!
إنت مش واخد بالك إنك مهتم بيها زيادة عن اللزوم وأنا حذرتك قبل كده ملكش دعوة بيها ولا تتدخل في حياتها!
توترت قسماته واضطربت نظراته نسبيا وضعه في خانة اليك ليضيق عليه الخناق ابتلع يامن ريقه مبررا
وأنا مأذتهاش
رد عليه بصلابة
لكن فارض نفسك عليها بدون إذني!
هتف مختلقا الأعذار
بس أنا بأحميها.
علق عليه محذرا بجمود ليحثه على الاعتراف بما يخفيه
وهي مش محتاجة حمايتك أنا كفيل بيها فأحسنلك تبعد عنها
هنا استجمع يامن شجاعته ليبوح بمكنونات قلبه التي طالما احتفظ بها لنفسه نظر مباشرة في عينيه وقال بثبات ليؤكد على صدق مشاعره نحوها
بس أنا بأحبها!
ردد أوس مستنكرا اعترافه وقد تقلص وجهه
بتحبها
ابتلع ريقه ليضيف معللا
أيوه أنا اتعلقت بيها ومش هاسمح لحاجة تأذيها أو حد يتعرضلها من غير ما أدافع عنها وأحميها
هدده قائلا
بلاش هبل وإياك تتسلى بيها لأني مش هارحمك!!!
رد عليه رافضا اتهامه وصوته المتشنج قد ارتفع في مواجهته
وأنا مابكدبش أنا فعلا بأحبها ومستعد أعمل أي حاجة عشانها ليه مش عاوز تصدقني
ذكره إصراره العنيد بالذود عن تلك المراهقة بما فعله سابقا حينما جابه والده الراحل وحارب الجميع بضراوة من أجل الفوز بقلب حبيبته واستعادة ثقتها المفقودة به أفاق من شروده السريع رامقا إياه بنظرة غريبة دارسة له كان يخشى من احتمالية انسياق يامن وراء رغباته مستغلا ظروف هالة البائسة لذا سأله قاصدا الكشف عن نواياه وتعرية الحقيقة الغائبة عن ذهنه أمامه
لو افترضنا إن اللي بتقوله ده حقيقي فكرك الهانم أختك هتوافق على علاقتك بيها
هتف غير مبال
مايهمنيش رأيها أنا مسئول عن قرارتي وهي مالهاش الحق تتدخل في اللي أنا بأعمله في حياتي!
التوى فمه معلقا ببسمة متهكمة
لأ راجل!
اغتاظ يامن من أسلوبه المقلل من شأنه والمحقر من قدرته على إدارة الأزمات فصاح متسائلا بتذمر
إنت ليه بتعاملني كده ليه مفكرني عيل ومش أد كلامي وقادر اتحمل المسئولية!
أجابه بنبرة جليدية خالية من التعاطف
عشان عارفك كويس.
لأ إنت غلطان يا أوس أنا اتغيرت.
للحظة صمت أوس متذكرا كيف خاض ذلك الحوار المعاند
بحذافيره من قبل وكأن الزمن قد عاد للوراء ليجسد له المشهد مرة أخرى مع فارق تبادله للأدوار مع ابن عمه أخفى ابتسامة ساخرة تلوح على شفتيه ليحتفظ بجدية تعبيراته مط فمه ليقول بعدها متهكما
بالبساطة دي فجأة كده صحيت لاقيت نفسك واحد تاني! إنت بتضحك على مين عليا ولا على نفسك!
أصر على إثبات حسن نواياه قائلا
أيوه أنا حقيقي اتغيرت واديني بس الفرصة اثبتلك ده
كان يسعى بكل الطرق للضغط عليه ليختبر مصداقية حبه لها أخرج أوس يده من جيبه ليطبق على عنقه ضغط على عروقه متعمدا إيلامه وهو يقول له بشراسة
ولعب العيال ده أنا مش هاسمح بيه!
قاوم الألم الذي عصف به منتزعا أصابعه القوية من على عنقه تراجع خطوة للخلف ليهدر بأنفاس لاهثة وقد نهج صدره صعودا وهبوطا
وأنا مش بألعب يا ابن عمي أنا جاد في كلامي ولو هي وافقت عليا أنا هتجوزها
علق عليه بازدراء
يعني بتعترف إنك بتغصبها عليك!
صحح له مقصده بدفاع مستميت
مش مظبوط أنا عمري ما هجبرها على حاجة هي مش عاوزاها.
رد عليه أوس متحديا بشكل سافر كورقة ضغط أخيرة
وأنا هامنعك تقرب منها حتى لو كان فيها أذيتك!
هنا فقد يامن قدرته على ضبط انفعالاته فهاج صارخا وغير عابئ بتبعات ردة فعله
ولو موتني حتى أنا مش هابعد عنها!
للدرجادي
وأكتر بكتير يا ابن عمي!!
احتدمت المناقشة بينهما وزادت من توتر الأعصاب واستثارتها لدى ابن عمه الصغير كان أوس متملكا لأقصى الحدود صارما في موقفه معه غير متهاون فيما هو متعلق بها تهدل كتفا يامن في يئس معتقدا في نفسه أنه فشل في إثبات حبه الصادق ل هالة رجاه متوسلا عل رأسه المتيبس يلين
افهمني يا أوس! أنا مش بألعب ولا عاوز أضحك عليها أنا فعلا بأحبها ومتسألنيش ده حصل إزاي وامتى بس أقل حاجة تضايقها بتخليني عاوز أولع في الدنيا بحالها عشانها.
راقبه دون إبداء أي رأي مما شجعه على الاسترسال أكثر فأضاف بتمهل شديد الحذر
وافتكر إني مكونتش كده عمري ما ارتبط بحد ولا اهتميت غير بنفسي وبس وأنا نفسي أطلعها من اللي هي فيه
استهزأ به قائلا بأسلوبه الجاف ومتعمدا إعادة المناقشة لنقطة البداية
قول إنك بتشفق عليها!
صاح محتجا وقد فاض به الكيل من محاولاته لإقناعه بكل الطرق العقلانية والانفعالية
دي مش شفقة بأقولك أنا بأحبها ليه مش عاوز تصدقني
سأله في هدوء
وهي بتحبك ولا ...
تردد قبل أن يجيبه
مش متأكد لسه.
قست ملامح وجه أوس قائلا بلهجته غير القابلة للتفاوض
ولحد ما تتأكد من ده هتبعد عنها مفهوم!
اعترض عليه بعند
بس كده حرام و....
قاطعه مشيرا بسبابته
من غير بسبسة كلامي هيتنفذ بالحرف ده لو إنت عاوزني أصدقك فعلا!
رمقه يامن بنظرات مشحونة بالكثير من المشاعر الغاضبة والرافضة لقانونه المجحف الذي يمنع عنه حق الاختيار وتقرير المصير ما أوقف جدالهما هو استئذان السكرتيرة بالدخول لتقول في ارتباك
أوس باشا في واحد مصر إنه يقابل سيادتك دلوقتي.
زوى ما بين حاجبيه معلقا عليها بخشونة
مش أنا مانع أي مقابلات كلامي مش مفهوم!
ردت بتوتر وهي تضغط على شفتيها
أنا بلغته يا فندم بده بس هو مصمم بيقول إن الموضوع ضروري ويخص مراته مدام رغد!
نطق أوس باسمه مدهوشا
أكرم!
لم يكن قد التقاه إلا مرات معدودة في زيارات عائلية رسمية أثناء تقدمه لخطبة رغد وزواجه منها لذا مجيئه اليوم كان غامضا ومربكا إلى حد كبير. كذلك حلت الدهشة على وجه يامن تبادل مع ابن عمه نظرات حائرة وفضولية فعلى الأغلب مجيء زوج أخته اليوم يحمل في طياته أمرا خطېرا استدار برأسه فجأة نحو أوس الذي عامله بروتينية بحتة
اتفضل شوف شغلك ولينا كلام تاني.
اكتفى بالإيماء الصامت برأسه ثم خرج عائدا من حيث أتى التقى في طريقه ب أكرم الذي مد يده ليصافحه قائلا باستغراب وكأنه لم يتوقع رؤيته
يامن مكونتش فاكر إنك موجود هنا
رد عليه بفتور
أنا بأشتغل هنا هي رغد مقالتلكش ولا إيه
امتعض
وجهه أكثر وهو يقعب
لأ.. تقريبا أنا آخر من يعلم باللي يخصها!
ظهرت ابتسامة متهكمة على جانبي ثغره قبل أن يؤديه
ومين سمعك كلنا زي بعض!
ثم أخرج تنهيدة ثقيلة وسريعة من جوفه ليكمل بعدها محذرا
أسيبك مع ابن عمي بس خد بالك في الكلام معاه محدش ضامن هيعمل إيه لو سمع حاجة ضايقته!
هز رأسه قائلا
تمام أنا عامل حسابي.
ربت يامن على جانب ذراعه كنوع من توديعه ليلج أكرم بعدها لداخل غرفة مكتب أوس الجندي حيث انتظره الأخير على رأس مكتبه مشبكا لأصابع كفيه معا ومستندا بمرفقيه على سطح مكتبه الفخيم استهل الأول حديثه مستطردا بلباقة
مساء الخير أسف إن كنت جيت من غير ميعاد وهاعطلك عن شغلك شوية بس فعلا الموضوع مايستناش أكتر من كده!!
كانت كلماته متحفظة للغاية ومٹيرة للقلق أشار له أوس بالجلوس دون أن ينبس بكلمة فقد كانت السمة السائدة على تعابيره هي الجمود. استقر أكرم على المقعد الملاصق لمكتبه ليبدو في مواجهته نظر له بإمعان محاولا سبر أغوار عقله ورغم صعوبة الأمر عليه إلا أنه جازف بكل
شيء وخاطر بعلاقته مع زوجته ليقابله سرا. تنحنح مضيفا بنفس النبرة الهادئة الرزينة
أنا عارف إن رغد خدت الأمور بشكل شخصي زيادة عن اللزوم واتورطت في حاجات كتير غلط عشان ...
قاطعه أوس بجدية غليظة
مش محتاج تبررلي المدام عملت إيه خش في الموضوع على طول!
اعتدل في جلسته ليخفي توتره من أسلوبه الجاف في التعامل ليكمل بعدها بحذر
دلوقتي رغد