الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

روايه اوتار الفؤاد

انت في الصفحة 23 من 26 صفحات

موقع أيام نيوز

الرواق
ضغطها كان مرتفع وأكيد حضرتك عارف السبب أكلت مخلل كتير وده مش كويس عشانها
لم يجد ما يعقب به على جملته الأخيرة سوى التوبيخ بحنق
غلبت أفهمها إن ده غلط وهي مبتسألش وبتعمل اللي دماغها
أراد مؤنس أن يمتص غصبته الوشيكة فمازحه بحذر
إنت عارف الحوامل يا باشا في الفترة دي أي حاجة نفسهم فيها بياكلوها وڠصب عنك مش هاتقدر تسيطر عليهم.
وكأن الأخير لم يصغ لكلمة واحدة مما قاله كان تفكيره منصبا على حالتها وضيقه من تصرفها الأرعن. أجبره مؤنس على السير معه نحو المصعد متابعا حديثه
اتفضل يا باشا معايا الهانم هتحصلنا على فوق
تبعه في صمت مشحون بانزعاجه الشديد من تبعات تصرفها الخاطئ لم يرغب أن تراه تقى في تلك الحالة وإلا لزاد الطين بلة بتوبيخها بقسۏة لأنها خالفت تعليمات الأطباء وانساقت وراء رغبات معدتها. بعد برهة كانت هي ممددة على الفراش تبكي بندم اعتقدت أن أوس تركها بالمشفى وغادر بعد أن أوصلها إليه فإلى الآن لم يأت لرؤيتها أو حتى الاطمئنان عليها فقد اعتادت على رؤيته بجوارها فور أن تفتح عينيها ترسخ ذلك الوهم في رأسها واڼهارت تبكي بحړقة من جديد. ظنت الطبيبة المرافقة لها أنها تبكي لتعبها فدوما الحوامل يتأثرن سريعا بالأمور الانفعالية نتيجة تأثير الهرمونات عليهن لذا هدأتها بلطف وهي تقول لها
اطمني يا مدام تقى حالتك مستقرة والضغط هيتظبط مع البرشام بتاعه ومتقلقيش منه ده بتاع الحوامل بس أهم حاجة تلتزمي بمواعيد الدواء.
مسحت تقى عبراتها بأطراف أناملها وهي تسألها بصوتها المنتحب
وابني
ابتسمت وهي تجيبها
بخير الحمدلله.
ثم مالت نحوها لتحذرها بجدية ولكن بصوت خفيض
بس يا ريت موضوع الحوادق ده مايتكررش تاني كتره مش حلو لا عليكي وعلى الجنين!
أومأت برأسها في تفهم
حاضر مش هاعمل كده تاني.
وبعدين الباشا ھيموت من القلق عليكم بجد لو شوفتي شكله دلوقتي هتتخضي
وكأن الحياة قد عادت لتبتسم لها من جديد بمجرد معرفتها بوجوده تساءلت على الفور بتلهف
هو لسه موجود
أجابتها الطبيبة مؤكدة
أيوه .. واقف برا مع الدكتور مؤنس
تلاشت أحزانها وكفكفت عبراتها ساحبة نفسا عميقا تثلج به صدرها أحست تقى بالارتياح وأشرقت نظراتها مرة أخرى فمهما عاندت وارتكبت من أخطاء لا يتخلى عنها أبدا بل يؤكد لها دوما أنها وطنه الوحيد أمانها ببقائها فيه. لحظات ودق قلبها بحماس حينما رأته يلج للغرفة استأذنت الطبيبة بالانصراف لتمنحهما قدرا من الخصوصية وقبل أن ينطق بشيء بادرت معتذرة
أنا أسفة مش هاعمل كده تاني سامحني يا حبيبي كنت غبية
رد عليها متسائلا بنبرة غامضة
في حاجة تانية حابة تقوليها
ظنت أنه مستمتع بټعنيفها لنفسها فأكملت بوجه اكتسى بتعبيرات عابسة
ومش بأفهم وهبلة و..
انزعجت من إھانتها لنفسها بذلك الشكل المحرج فقاطعها بلهجة صارمة دون أن تتبدل تعابيره للارتخاء
خلاص يا تقى مالوش لازمة الكلام البايخ ده
سألته بضيق
إنت زعلان مني
رد متسائلا بنفس التجهم
تفتكري إيه
نكست رأسها في خزي مدركة فداحة ما فعلته بدا صوتها مستاء منكسرا وهي تتعهد له
مش هايتكرر تاني!
قال لها في لهجة أشد بأسا
وأنا مش هستناه يحصل والمرادي أظنها كانت إنذار كويس ليكي.
لم تتجرأ على التطلع إليه حينما نطقت
ايوه
أضاف أوس قائلا
إنتي هتفضلي هنا لبكرة
رفعت رأسها لتنظر إليه في صدمة قبل أن تسأله باندهاش لم تخفه
إيه ده أنا هبات هنا لوحدي
أوضح لها بنبرة جافة لم تظهر تعاطفه معها
دي رغبة الدكتور عشان يطمن أكتر وأهوو يكون درس ليكي تفكري قبل ما تاكلي حاجة تضرك
ردت بأسف
معاك حق.
تابع محذرا بشدة
إنتي جواكي روح بتتكون حافظي عليها.
أدمعت عيناها من كلماته تلك ولكن ما لبث أن حل الخۏف على قسماتها حينما أبصرته يتجه نحو باب الغرفة سألته بقلب يقفز بين ضلوعها قلقا
إنت
رايح فين هتسيبني وتمشي
الټفت نحوها برأسه بعد أن وضع يده على قفل الباب قائلا لها بنصف ابتسامة
أكيد.. لأ
نظرت له في عدم فهم فأكمل بصوته الرخيم
أنا باقفل الباب بس عشان ترتاحي.
ارتسمت علامات البلاهة على تعبيراتها حملقت فيه بنظرات جمعت بين الحيرة والغرابة فمن أين له أن يكون غاضبا وفي نفس الوقت يعاملها بحنوه الذي يحسده عليه الجميع جلس أوس إلى جوارها على الفراش وحاوط كتفيها بذراعه نظر مباشرة في عينيها قائلا لها بنبرة عميقة
وقت العتاب خلص جسمك محتاج يرتاح وبلاش انفعال!
همست له بمحبة صريحة
بأحبك أوي ماتبعدش عني يا حبيبي!
اعتلى ثغرة ابتسامة ناعمة أخرج تنهيدة بطيئة من صدره وهو يعدها مؤكدا
وأنا عمري ما هاسيبك!
كانت تعض على شفتها السفلى كثيرا بسبب ترددها في تبادل الحديث الودي معه رغم كل ذلك الضجيج الذي يضرب برأسها لإقناعها بفعل هذا اضطرت أن تستسلم لما يمليه القلب وتتحدث معه خرج صوتها متوترا يعكس خجلها الممتزج بارتباكها حينما همست له
تعبتك معايا.
أخفض يامن صوت مشغل الأسطوانات بعد أن يأس تقريبا من احتمالية تجاوبها معه لم يصدق أذنيه وهو بالكاد يسمع همسها الټفت برأسه نحوها ووجهه يعلوه ابتسامة سعيدة علق عليها بحماس
هو أنا عملت حاجة أصلا
تنحنحت متسائلة في ارتباك وهي تفرك أصابع كفيها معا لتخفف من خجلها الشديد الذي اعتراها بشكل مكثف
بس كده أوس باشا يضايق عشان عطلتك عن الشغل.
رد عليها دون تفكير وكأنه يمهد لها الطريق لتبوح بما لا تريد الإفصاح عنه
ما هو أنا مش ورايا إلا إنتي وبس!
قطع حديثهما رنين هاتفه اعتذر منها ليجيب على المكالمة الواردة إليه راقبت تعبيراته وكلماته الغاضبة خلسة من طرف عينها. كان يامن وسيما بشكل ما اعترفت هالة لنفسها بذلك به كل المقومات ليكون فتى أحلام الكثيرات ومع هذا فضلها عليهن وبذل الكثير من الجهد ليتقرب منها استمرت في تحديقها به دون أن تعي أنه أمسك بها تطالعه بنظرات دقيقة مهتمة أخفضت عيناها في حرج كبير وضغطت على أناملها حتى تقلصت مفاصلها تنحنح قائلا بوجه جاد التعبيرات
هالة في حاجة حصلت ولازم تعرفيها!!
انقبض قلبها بتوجس من طريقته تلك عادت لتنظر إليه متسائلة
خير في إيه
أجابها بنفس الجدية
منسي!
تقلص وجهها پخوف من تلفظه لاسمه ولاحظ هو تبدل تعبيراتها لم يترك لعقلها الفرصة ليضع التكهنات فأوضح لها
ماټ في خناقة في السچن.
حلت الصدمة عليها للحظات مستوعبة ما أبلغها به ارتخت تعبيراتها المشدودة رويدا رويدا وهي ترد پألم ملموس في نبرتها
ربنا انتقم منه ورحم ناس كتير من شره كفاية أوي اللي أذاهم في حياته ودمر مستقبلهم!
أدرك يامن أنها تقصد نفسها بذلك الحديث حاول أن يغير مجرى الحديق فسألها مبتسما
احنا رايحين على الفيلا ناقصك حاجة أجيبهالك
ردت متسائلة
هو أنا مش هارجع الحارة
أجابها بهدوء
معنديش فكرة كل اللي عرفته من ابن عمي إنه قالي بعد ما نخلص ترجعي على هنا.
ابتلعت ريقها وهي ترد
ماشي
ظلت هالة طوال المسافة المتبقية من الطريق تنظر أمامها رغم إحساسها بنظراته التي تتأملها لم تنكر أن قلبها كان يرقص طربا بشكل مثير ومتحمس كذلك أحست بالارتياح الشديد لتلقيها خبر مۏت جلادها الشرير حتما ستنتهي كوابيسها شعرت أن مفهومها للحياة الكئيبة قد تضاءل وبات هناك معنا آخرا لها مليئا بالأمل والتفاؤل أعاد يامن تشغيل مشغل الأسطوانات ببعض الألحان الرومانسية تعمد أن يفعل ذلك ليحفز مشاعرها التي تخفيها فعسى أن تتخلى عن جمودها وتمنحه تلك السعادة التي ينتظرها تورد وجهها بحمرته الخجلة وانتابها إحساسا غريبا بأن تلك الأغاني تنطق بما لا تستطيع الاعتراف به. احتفظا كلاهما بحالة الصمت المترقبة إلى أن وصلا إلى أعتاب الفيلا.
ترجلت هالة من السيارة دون انتظار فتح البوابة الرئيسية لكنها تراجعت على الفور صاړخة في فزع حينما لمحت كلابا تنبح بقوة أرعبتها كانت على وشك الركض للهروب من أنيابها التي تبرز بشراسة لكن أوقفها يامن بالإمساك بها من ذراعها مال عليها يحذرها
دول كلاب حراسة ماتجريش عشان مايعضوكيش!
ردت عليه بارتعاد
أنا مړعوپة منهم دول.. ممكن يقطعوا الحبل ويهاجمونا
مط فمه مبتسما قبل أن يجاريها في خۏفها
احتمال!
أرخى قبضته عنها فتراجعت بخطواتها تلقائيا لتقف خلفه ونظراتها المرتاعة مسلطة على الكلاب ظن يامن أنها فرصة مناسبة للظهور بمظهر الشاب الشجاع القادر على قهر الوحوش الضارية وأتته الفرصة على طبق من ذهب غمز بطرف عينه للحارس محركا شفتيه وكأنه يملي عليه شيء ما كي يرخي رباط أحدهم فتهاب الموقف أكثر ففعل الحارس ذلك دون أن يفلته كليا شهقت هالة صاړخة وقد اعتقدت أنه سيهاجمها واختبأت تحتمي بجسده وقبضتها متشبثة بذراعه سعادة غامرة تملكته لنجاح خطته البسيطة ادعى الجدية واستدار برأسه نحوها ليتأملها
عن كثب وكأن جمال الدنيا وسحرها تركز في عينيها اللامعتين سيطر على العاصفة الهوجاء التي ضړبت عواطفه قائلا لها
مټخافيش أنا معاكي خليكي بس هادية وامشي ورايا.
لم تجادله بالطبع أومأت برأسها في انصياع تام له كان جسده كالدرع الواقي يشكل الحماية المثلى بالنسبة لها
واتخذ كفها موضعه في راحته لتتلاحم الأيدي معا سار سويا بتمهل حذر إلى أن تخطى كلاهما البوابة الأمامية. رفض يامن ترك يدها حينما لاحظ أنه تحاول سحبها متعللا
جايز تجري ورانا!
تخلت عن فكرتها تلك رغم عدم اقتناعها به بدا وكأنه يتخلق الأعذار ليظل بقربها فتركت لقلبها فرصة التمتع بتلك اللحظات الجميلة كانت كمن يحلق في السماء وطيور الحب تغرد من حوله نظر لها يامن بعينين هائمتين فتلك هي المرة الأولى التي يراها هكذا أحس بوجود معنا خاصا للحياة بقربها ل هالة هالة من الجمال تفوق مثيلاتها من الفتيات استمتع معها بسيرهما الهادئ حتى وصلا إلى باب الفيلا ابتسمت له تشكره وهي تنظر له في خجل
مش عارفة أقولك إيه أنا شغلتك وعطلتك طول اليوم.
كان لا يزال محتفظا بابتسامته الودودة وهو يرد
متقوليش كده!
تمنى لو طال به الوقت ليقضي معها كل ثانية لكن لحظه التعس هو مجبر على الرحيل. أسبلت هالة نظراتها نحوه فأخرج يامن تنهيدة محبطة وهو يوصيها
خدي بالك من نفسك!
ردت بنعومة رقيقة
حاضر.
رمقها بنظرة أخيرة مليئة بالكثير من المشاعر التي تود أن تفيض بشغفها فهمت نظراته الواضحة وأحست بلهيب الحب يزداد اشتعالا في قلبها لوحت له بيدها تودعه قبل أن تستدير وتقرع جرس الباب. أراد يامن أن يمنحها هدية وداع بسيطة جال بخاطره أن يقطف إحدى الوردات البيضاء التي تزين مدخل الفيلا ويعطيها لها وبسرعة البرق اقتطفها مناديا باسمها
هالة
استدارت لتواجهه بتلهف وكأنها تنتظر على أحر من الجمر ذلك النداء منه
أيوه
مد يده بالوردة نحوها قائلا لها
اتفضلي.
اتسعت ابتسامتها الرقيقة نظرت له في إعجاب مصډوم مرددة
وردة
ولكي يضمن احتفاظها بها مازحها بهمس وهو يدعي التلفت حوله
خديها وخبيها بسرعة قبل ما أوس يشوفني ويعلقني ده أنا أخدها من بؤ الأسد!
كتمت ضحكة كادت تجلجل في الأجواء وامتزجت مع إشراقة نظراتها الخجلة وقبل أن ترحل عن أنظاره المتيمة به هتف بنزق
بأحبك!
دق قلبها پعنف من تلك الكلمة البسيطة التي عنت الكثير ذابت عشقا وأوشكت على الاڼهيار تابع يرجوها على أمل أن تبوح بمكنونات
22  23  24 

انت في الصفحة 23 من 26 صفحات