روايه اوتار الفؤاد
لتتأكد من كونه بخير فقط قطعة متوسطة من الشاش الطبي تغطي الجزء السفلي من عنقها وفتحة صدرها غفلت عنها وركزت حواسها مع ما تتلمسه تنفست الصعداء مرددة لنفسها
الحمدلله
أحست بتسارع خفقات قلبها وبتوتر أنفاسها ظلت تتنفس بعمق لتسيطر على الاضطراب الذي اعتراها حملقت في الممرضة متسائلة بقلق
طب أنا بأعمل إيه هنا
رمقتها بنظرة جافة بطرف عينها قبل أن تتجاهل الرد عليها وتتجه نحو مريضة أخرى تتمدد على الفراش المقابل تحركت حدقتاها معها والفضول ېقتلها لتعرف مصيرها لذا صاحت بنفاذ صبر
ڼهرتها إحدى المريضات التي سئمت من صړاخها هاتفة
ما كفاية دوشة بقى صدعتينا! احنا مش ناقصين خوتة كفاية القرف اللي احنا فيه
حركت هالة رأسها في اتجاه صاحبة الصوت القاسې فرأت امرأة متجهمة الوجه غليظة الطباع ملامحها توحي بالعڼف واستعدادها لفعل ذلك ملموس بشكل كبير ابتلعت ريقها في حلقها الجاف وردت مدافعة عن نفسها بتلعثم
لوحت بذراعها مهاجمة إياها باستهزاء
ما إنتي زي الجن أهوو غيرش بس شوية الشاش على إيديكي دول
بالرغم من وقاحة ردها الفظ إلا أنها شعرت بالارتياح لكون وجهها بخير رمقت تلك المړيضة بنظرة خاطفة من طرف عينها ثم أخفضت رأسها لتتأمل يديها من جديد أنت بخفوت من الوخزة الحادة التي أصابتها وهي تقلب كفيها مما أعاد القلق سريعا لها احتارت هالة في أمرها ودار برأسها الكثير من الهواجس انتشلها من تفكيرها الموسوس الأصوات المألوفة لوالدتها وأختها تعلقت عيناها على الفور بوجهيهما وتبدلت قسماتها المشدودة بتعبيرات ارتياحية لوجودهما حاولت أن ترفع جسدها على الوسادة القديمة لتعتدل في نومتها تأثرت لحضورهما فامتلأت عيناها بالعبرات دنت منها بطة بخطوات متعجلة واحتضنتها بتلهف ثم قبلت إياها من أعلى رأسها وهي تقول لها
ضمتها أختها بحذر لتتجنب الألم المباغت الذي يصيبها كلما حركت كفيها ردت عليها بابتسامة متفائلة
كويس إنكو جيتوا
شوفتوا منسي البلطجي استقصدني وكان عاوز ي...
قاطعتها وهي تمسح على وجنتها برفق
عرفنا كل حاجة داهية تاخده مطرح ما هو قاعد ولاد الحلال ودوه القسم وهياخد جزاته
بكت قائلة بحړقة
ردت مواسية بلطافة
قدر ولطف يا حبيبتي الحمدلله إنها جت على أد كده
كانت هالة متلهفة لحضن والدتها تشتاق إلى ضمتها الحنون لكن لم تمنحها الأخيرة أبسط أمنياتها جلست بازدراء على طرف الفراش تجوب بنظرات ممتعضة ووجه متأفف المكان المحيط بها إلى أن توقفت عيناها أخيرا على ابنتها أغفلت عن نظراتها المتعطشة لها لتعطيها فقط نظرة ساخطة نفخت قائلة بتذمر وهي تشيح بعينيها بعيدا عنها
عاتبتها بطة بنظراتها المحذرة وهي ترد
استبشري خير يامه هالة قدامك أهي بخير وزي الفل
مصمصت شفتيها بحركة مستنكرة ثم استندت بطرف ذقنها على مرفقها لتضيف بتبرم
الله أعلم إن كانت كده ولا هنلاقي بلاوي سودة تانية
نكست هالة رأسها خجلا من تلميحها الغامض والذي يشير بدرجة كبيرة إلى مصائب أخرى قادمة كم تمنت في نفسها لو لامست فيها عطفا أموميا غزيريا يشعرها بأنها تخاف عليها حقا خاب رجاؤها وانطفأت نظراتها مع تجاهلها وجفائها القاسې صاحت والدتها عاليا
انعقد حاجبا بطة بغيظ من تنمرها الزائد وردت عليها
مش نطمن عليها يامه الحمدلله وشها بخير ومجرالوش حاجة
أشارت أمها بعينيها الحانقتين إليها قائلة لها
هيبان لما تشيل الشاش ده اللي حطاه في كل حتة
ڼهرتها بلطف وهي تكز على أسنانها
مش وقته يامه
أصابتها رجفة خفية من جملتها المربكة لذا نظرت هالة إلى أختها بعدم فهم متسائلة
هي بتكلم عن إيه
أحست بطة بالمخاۏف التي اعترت أختها فعمدت إلى إلهائها عن التفكير في ذلك راسمة ابتسامة زائفة على محياها وهي تقول لها
متخديش في بالك بكرة تروقي وتبقي كويسة المهم عندنا إنك معانا وربنا نجاكي من شره
هزت هالة رأسها باقتناع وهي تتصنع الابتسام أيضا لتعاود التحديق في وجه والدتها جامد التعبيرات بعينين حزينتين شعرت بطة بما يجيش في صدر أختها من مشاعر مقهورة فهي مثلها اختبرت جفائها في أصعب المواقف وأشرسها وتعرف جيدا معنى أن تكون الأم متحجرة القلب وقاسېة في مشاعرها.
...................................................
انتهى النادل من وضع فنجان القهوة أمام الرجل الوقور بعد أن قدم لمضيفته قهوتها السادة تأكد من إتمام عمله على أكمل وجه واضعا تلك البسمة الروتينية على محياه قبل يحني رأسه قليلا للأسفل ثم استدار مبتعدا عنهما ليشرع الاثنان في استكمال حديثهما الجاد جلست رغد بأريحية على مقعدها مركزة عينيها على وجهه ذو الملامح الخبيثة والتعبيرات الماكرة استطردت قائلة ونظراتها بالكامل مسلطة عليه
بابا قالي إنك تعرف كل حاجة عن عمي مهاب
ابتلع المحامي نصيف ما ارتشفه في جوفه ليسند فنجانه أمامه تنحنح مستهلا جملته بهدوء حذر
الله يرحمه د. مهاب كان غالي عندي أوي
كانت مدركة أنه يتحاذق عليها فجارته في حزنه الزائف قائلة
أكيد
توقفت للحظة عن الحديث لتضيف بنبرة غامضة
بس مش أغلى من شيك على بياض تحط فيه الرقم اللي إنت عاوزه
ضاقت نظرات نصيف متسائلا
تقصدي إيه بالظبط
استقامت رغد في جلستها وبدت أكثر جدية عن ذي قبل لتجيبه بثبات
مصلحتك ومصلحتي!
ثم مدت يدها نحو حقيبة يدها الصغيرة لتخرج منها ورقة صغيرة مطوية ظلت عيناها موجهة نحوه وهي تمرر الورقة بين إصبعيها لتعطيها له تصنعت الابتسام داعية إياه لتناولها
اتفضل
أخذها نصيف لينظر بفضول إلى الشيك الذي بحوزته للحظات معدودة عاد ليرفع رأسه نحوها ثم سألها بتأن
أجابته بوجه جليدي في تعبيراته
اعتبره عربون بيزنس مهم بينا
طوى الورقة بعد أن ألقى نظرة ثانية عليها دون أن يعيد التفكير مرتين في القبول بعرضها المغري بالنسبة له دسها في جيب سترته الداخلي ورسم تلك البسمة السخيفة التي عكست رضاه على ثغره أخرج زفيرا بطيئا من صدره ليسألها بتريث
وإيه المطلوب مني
توحشت نظراتها وهي تجيبه
معلومة أستفيد بيها في حربي ضد ابن عمي
هز رأسه معلقا
أوس الجندي
بالظبط إنت عارف كويس الوضع بقى إيه دلوقتي والمشاكل الكبيرة اللي بدأت بينا
أيوه
ظهرت ابتسامة جانبية لئيمة على شفتيها قبل أن تنطق
وطبعا أي حد هيساعدني في حربي دي أو يساعد بابا هايكون ليه مكافأة كبيرة
داعب نصيف طرف ذقنه بإبهامه وهو يصغي إلى وعودها السخية بالمزيد من المال تنهد قائلا
مافيش مانع عندي طالما كله بحسابه
سألته دون تفكير وقد زاد وهج نظراتها الشيطانية
ها عندك اللي يفيدني
رد بثقة تامة وهو يمسك بفنجان قهوته
أكيد
صمت للحظة ليضيف تشويقا متحمسا إلى حديثه ليتابع بعدها بكلمة مقتضبة
ليان
زوت رغد ما بين حاجبيها متسائلة بعدم فهم وقد استشعرت وجود خطب ما وراء التطرق إلى أمرها
مالها
خلى وجهه من التعبيرات وهو يجيبها
م
كام يوم وهتبقى كويسة مش سهل اللي مرت بيه
رد عليها بزفير ممتعض
أنا مقدر ده كله بس يا ريت هي تديني الفرصة وإنتي شايفة بنفسك هي عازلة نفسها عننا
ضغطت على شفتيها في أسف كان محقا في قوله ومع ذلك بررت تصرفاتها قائلة
معلش كله هيعدي وبيتهيألي الرحلة اللي طالعينها هتفرق معاها
أومأ برأسه متمتما
أتمنى ده
تصنع الابتسام ليردد بامتنان
شكرا يا تقى على تعبك معانا أنا مش عارف أقولك إيه المفروض إنتي ترتاحي الفترة دي و...
قاطعته بعتاب رقيق
متقولش كده ليان مش مراتك بس دي بنت خالتي الغالية إنت نسيت ولا إيه
حافظ على ابتسامته الباردة قائلا
ربنا يخليكم لبعض
تنحنحت متابعة بخفوت
هاروح أشوف أوس عن إذنك
أشار لها بيده معقبا
اتفضلي
تابعها للحظات حتى وصلت إلى سيارة أوس ثم استدار متجها إلى سيارته ليركب بجوار زوجته وما إن رأته ليان يقترب منها حتى انكمشت على نفسها وأشاحت بوجهها بعيدا عنه ليشعر بغصة مريرة ټضرب حلقه تحلى عدي بالصبر وتنفس بعمق ليحافظ على هدوئه معها فهو بالكاد يحاول التأقلم مع حالتها النفسية المضطربة مؤخرا.
تفتكر إن توقيت الرحلة مناسب
أجابها بثقة ليبدد مخاوفها الواضحة في عينيها الزرقاوتين
كلنا محتاجين ده يا حبيبتي
ردت بقلق ملموس في نبرتها
بس الظروف والوضع أنا حاولت أقنع ليان لحد ما وافقت بس مش ضامنة إن كان التغيير ده هيأثر فيها ولا لأ
علق بغموض زاد من حيرتها
أنا متفق مع عدي على بروجرام حلو لينا كلنا فاطمني
أشعرتها كلماته الواثقة بالارتياح اكتفت بالإيماء برأسها ثم أخفضت نظراتها لتحدق في يده التي امتدت لتفتح باب السيارة لها تورد وجهها من معاملته الراقية معها وإشعارها دوما بأنها ملكته الغالية المتوجة على عرش قلبه هتف بها مشددا بحزم
خدي بالك
ابتسمت له محركة رأسها بالإيجاب
حاضر
كان حريصا للغاية على سلامتها خلال تلك المرحلة من حملها ليكتمل على خير وبالطبع لم يكن
انتبهت لندائه الهادئ فاستدارت ببطء نحوه دون أن تنبس بكلمة تعلقت نظراته بوجهها الذابل وهو يسألها باقتضاب
جاهزة للرحلة
لم تمنحه إلا ردا فاترا
يعني
تحامل على نفسه ليتجاوز جمودها معقبا بحماس ادعاه
هايكون شهر عسل جديد بالنسبالنا يا بيبي
وكأنه أخطأ في الوصف دون قصد ليعود إلى ذهنها ذكرى الفترة الأولى في حياتهما الزوجية حينما رفضها عن عمد كنوع من التأديب القاسې لوقوعها ضحېة خداع أحدهم ابتلعت ذلك العلقم الذي ملأ جوفها وأدارت وجهها بعيدا عنه
لتخفي نظرات الانكسار والحزن المقروءة في عينيها أدرك عدي أنه لم يكن موفقا تلك المرة في انتقاء كلماته ضغط على شفتيه بندم وحاول تلطيف الأمور فأردف قائلا
أنا واثق إن المكان هيعجبك
تجاهلت الرد عليه أو حتى النظر نحوه أخفض عدي نظراته ليحدق سريعا في يدها الموضوعة بإهمال على حجرها عاد ليتأمل الطريق أمامه وصدره يعصف پجنون فمنذ ذلك الحاډث المؤسف الذي تعرضت له اختفت ضحكاتها المرحة وانطفأت نظراتها المشرقة وذبلت حيويتها النضرة حتى أنها فقدت رغبتها في فعل أبسط الأشياء التي اعتادت على فعلها ضمن روتينها اليومي زفر بتمهل ليخرج الشحنة السلبية المنتشرة بداخله ثم مد ذراعه ليمسك بكفها انتفضت مع لمسته المفاجئة وبحنكة احترافية امتص فزعها المريب له ليقوس شفتاه فتظهر ابتسامة مبتورة تنهد قائلا لها
عاوزين نقضي وقت حلو هناك اتفقنا
سحبت كفها بصعوبة من بين أنامله القابضة عليها لترد باقتضاب
أوكي
عة التي اتهم بها وأشعلت الأجواء انتابه هاجسا بأن ل رغد ضلعا
في ذلك ومع هذا لم يجزم بحقيقة تورطها في الأمر فلماذا تحاول الاڼتقام من أخته وهي لم تضرها لكنه رغم ذلك سعى وراء ذلك الخيط عله يصل لغايته كاد رأسه ينفجر من كثرة التحليل والتفكير لم يشعر بلمسات زوجته الحنون على ذراعه وحينما زادت من ضغطها على ساعده لينتبه لها رمقها بنظرة ڼارية مخيفة ارتاعت تقى من طريقة تحديقه بها ازدردت ريقها وهي تسأله بحذر
إنت كويس
أجابه بنبرة جافة للغاية
أيوه
أضافت بتفاؤل وهي لا تزال محتفظة بتعبيراتها البشوشة
كل حاجة هتعدي مش إنت بتقولي دايما كده
هز رأسه مغمغما
أكيد
انسى كل حاجة وخلينا نركز في الأجازة