الإثنين 25 نوفمبر 2024

في بلده صغيره في اقصى الصعيد

انت في الصفحة 8 من 34 صفحات

موقع أيام نيوز


كانت ندى تتمايل بميوعة امام شقيقتها الصغيرة سمر التى كانت مكتفة ذراعيها وتنظر اليها بامتعاض 
عشان بس ماتبقيش تتريقي ولا تعيبي عليا اديني جيبت العريس على ملا وشه ورايا من مجرد بس ما شافاني في عريية الأجرة والراجل وقع على بوزو .
أردفت بها ندى بابتسامة متبخترة قلبت سمر عيناها قبل أن ترد عليها بابتسامة مستخفة 

ايوة ايوة ما انا عرفت جمالك الطاغي هو اللي خلى الراجل يجي وراكي زاحف مش لبسك الضيق والمكياج اللي محمر خدودك وشفافيك عشان يبانوا واكنهم طبيعي قدام الشباب الغلابة اللي مايفهموش حاجة في خبث البنات.
عضت ندى على شفتيها غيظا وقد ازعجتها كلمات شقيقتها
على فكرة بقى انت بتقولي كدة عشان غيرانة مني عشان انا أحلى منك ومن يمنى كمان 
ياشيخة!! والنبي صح مصدقة نفسك بقى انت احلى من يمنى كمان 
يانعم بقى ياست سمر هو انت طالبة معاكي تتمهزقي عليا ولا تفتني مابيني وبين يمنى
لا ياحبيبتي انا لا بتمهزق ولا بفتن بينك وبين يمنى انا بس عايزاكي تعرفي ان اسلوبك في البس والمكياج اللي انت فرحانة بيه ده يمكن صح بيجيب العرسان بس ياحبيبتي كل البنات بتتجوز لكن بقى الرك على اللي يقدر يسعدك ويصونك مش يفرح بحلاوتك يومين وبعدها تشوفي وشه التاني.
بركاتك ياشيخة سمر خلي نصايحك لنفسك
قالت ندى بسخرية وهي تتحرك نحو الخزانة كي تبدل ملابسها نظرت في أثرها سمر تهز رأسها غير راضية عن التغير الذي طرأ لشقيقتها منذ أن التحقت للمدرسة الفنية وازداد أكثر حينما بعد ان وصلت للسنة الدراسية الأخيرة وقد فتنتها بهرجة المدينة واسلوب الفتيات زميلاتها في الإيقاع بالشباب دون أدنى اهتمام بالدراسة ولامستقبلهم في التعليم تحمد الله ان شقيقتها مازالت محتفظة ببعض حيائها رغم كل هذه البهرجة الواضحة في مظهرها الخارجي وادعائها الحرية .
الجزء التاني 
الفصل السابع 
بداخل الغرفة الصغيرة وهو مستريح بجذعه على الفراش وعقله يسبح في الام الماضي وما اوصله الى هذه النتيجة الان شخص بائس ذو مستقبل مظلم لا يملك الحق بالعيش بكرامة أو كبقية البشر العادية بعد أن كان سيد مكانه والدنيا كانت فاتحة اليه ذراعيها على وسعها يراجع نفسه للمرة المليون هل كان الخطأ من جانبه حينما تطوع للخدمة بالتجنيد بإرادته رغم انه معفي عنها بحكم انه الوحيد لوالدته أم لغباءه وثقته الزائدة حينما ترك والدته وشقيقته في يد من خان الثقة وغدر به في كلتا الحالتين لا يمكن أن يرحم نفسه من عڈاب التأنيب حتى بعد أن تمكن اخيرا من الأخذ بثأره ممن ظلمه وادخله السچن پتهمة ملفقة كي يخسر معها الجميع كما خسر قبلها اعز الأحباب والدته وشقيقته أجفل منتبها فجأة على دفعة قوية للباب ومرور هذا الصبي المشاغب كي يدلف لداخل الغرفة 
واه هو انت لسة برضوا قاعد مكانك ماقومتش 
اردف بها الصغير بعفويته المحببة
اثارت ابتسامة مستترة من صالح وهو يجيبه
ايوة يامحمد لسة قاعد مكاني ومش قادر اتحرك حكم راسي لساها ۏجعاني وتقيلة عليا.
كشړ محمد عن وجهه قائلا 
وراسك التقيلة دي مش ناوية تخف واصل اياك انا زهقت من نوم الكنبة وعايز ارجع اؤضتي .
حدته في توجيه الكلمات جعلت صالح يضغط على نفسه بصعوبة حتى لاينفجر في الضحك وتزداد بعد ذلك الام رأسه مثل كل مرة فقال
ياولدي انا مش قدك والنعمة ولا قد دمك الخفيف ده طب بقولك ايه ماتيجي تساعدني عشان اقوم يمكن اخف لما اتحرك عشان امشي واسيبلك الأوضة.
ماشي هاساعدك بس عشان تسيبلي الأوضة وتمشي .
قالها محمد ثم خطا اليه يمد كفه نحوه بعقله الصغير معتقدا انها تصلح كي يلتقطها ويستند عليها صالح الذي ضغط باليد الأخرى على قائم السرير
بصعوبة كي يستطيع الوقوف رغم هذا الدوار الذي لف رأسه بمجرد ان وطئت قدماه الأرض ولكن مع ذلك تنفس بسعادة انه تمكن من السير عدة خطوات صغيرة بصحبة محمد قبل ان يتمكن منه الألم فسقط على اقرب أريكة وجدها أمامه هتفت عليه محمد بسخط
ايه ياعم انت دول يدوبك خطوتين مش قادر تكمل 
تكلم صالح من بين صوت أنفاسه العالية مع هذا الإجهاد الشديد الذي انتابه
معلش يامحمد خليني اريح شوية لاحسن راسي وجعتني قوي .
يووووه انت لسة هاتقعد وتريح دا حاجة متشجعش خالص.
تابع محمد وهو يصعد ليعتلي الاريكة بأقدامه 
وسع كدة شوية خليني افتح الشباك اللي وراك ده .
ادار صالح رأسه للخلف قليلا ليفاجأ بدفعة هواء قوية على وجهه وقد فتحت نافذة خشبية كبيرة على مصراعيها فظهر امامه حقل صغير ممتلئ بأنواع عدة من الخضروات المزرعة فيه بالأضافة الى عدد من شجيرات الفاكهة منظر خلاب يبعث بالبهجة على صدره فقال
الله يامحمد عالجمال بتاعة مين الجنينة دي 
رد محمد بتفاخر
يعني هاتكون بتاعة مين يعني بتاعتنا طبعا دا انا اللي زارع بيدي حوض البصل اللي هناك ده مع ابويا دا غير الفاكهة اللي بفتح عليها حنفية المية واسقيها كل يوم مع بقية الخضرة اللي زارعناها قبل كدة يعني انا اللي مراعيها في الأصل.
برافوا عليك يامحمد وربنا يخليلك ابوك الجنينة شكلها يفرح صح باين عليكم مزارعين أبا عند جد.
ايوة امال ايه احنا نملك خمس قراريط طين ورث عن جدي ومأجرين فدان كمان في الجبل بنزرعه قمح وطماطم وبرسيم لبهايمنا اللي في الحوش التاني من البيت حكم احنا بيتنا كبير قوي
قال صالح بابتسامة متسعة مع انبهاره 
ماشاء الله يامحمد انا كنت اسمع من زمان عن البيوت الكبيرة واللي بيسموها اهل البلد بيوت الزرع لكن اول مرة اشوف بعيني .
اول مرة تشوف بعينك! ليه امال هو انت من فين 
سأل محمد بعفوية كعادته أربك صالح الذي تجاهل الجواب عن سؤاله 
بقولك ايه يامحمد انا نفسي ادخل الجنينة دي وادوق من التين الطازة الطارح على شجرته ده يرضى ابوك يامحمد .
اهتزت كتفيه واجابه بحيرة
معرفش والله بس ممكن اسالك ابويا.
اعترض سريعا 
لا يامحمد ماتقولش لابوك انا كفاية عليا الڤرجة من هنا دي كدة رضا قوي مش عايز ازود على الراجل اكتر من كدة كفاية انه متحملني في بيته اساسا.
غمغم بكلماته الأخيرة بصوت منخفض لا يصل الى الطفل الصغير فيكفيه هذا الشعور القاټل بالحرج من موقفه المخزي امام هذه الأسرة الكريمة وتحملهم لشخص بغيض مثله.
.......................
وبداخل المنزل وتحديدا بغرفة الفتيات كانت ندى تهتف على والدتها باعتراض 
يعني ايه ترفضوه ياما كان عفش بقى هو ولا انتوا سمعتوا عنيه حاجة شينة عن اخلاقه ولا سمعته
اجابت نجية وهي ترتب في فراش التخت بعدم اكتراث 
لا شوفنا انه عفش ولا حتى سألنا عشان نعرف حاجة عن سمعته ولا أخلاقه.
طب ولما هو كدة رفضتوه ليه من الباب للطاق ولا انتوا مش هاممكم سعادة بنتكم ولا راحتها
صاحت بها ندى لدرجة ازعجت والدتها التي تركت ما بيدها واللتفت اليها قائلة
في ايه يابت هو انت طارت على جوازك مش لما تخلصي سنتك في التعليم الأول. 
ايوة ياما بس انا مش صغيرة وكل البنات زميلاتي بيتخطبوا والعرسان بيستنوهم على مايخلصوا السنة الاخيرة عشان يتجوزا .
وافرضي ياختي برضوا احنا مش موافقين نجوزك لواحد غريب عن البلد .
وليه ماتقوليش ياما انكم رافضين مخصوص عشان حبيبتك بنتك المحروسة يمنى مش عايزة تجوزيني قبليها انتي وابويا .
صړخت بها ندى توقف والدتها قبل أن تخرج مغادرة الغرفة فهتفت نجية هي الأخرى پغضب
ايوة ياندى ابوكي رفض عشان مايجوزكيش قبل اختك الكبيرة عندك اعتراض بقى
دبت أقدامها على الأرض بعصبية
ايوة عندي ياما عشان انتوا كدة بتظلموني وتوقفوا حالي واختي مش هاممها حاجة خالص بترفض في العرسان وعايشة فيها دور الملاك البريء انا مالي انا ومالها
وانا ماليش دعوة ياندى ومانيش ملاك ولا برئ ياستي ولا حاجة
الټفت الأثنتان نحو مصدر الصوت ليجدوا يمنى على باب الغرفة بملامح متجهمة ويبدوا انها سمعت اخر الحديث تسمروا مكانهم بصمت يراقبونها وهي تخطوا إليهم بداخل
الغرفة ثم تابعت موجهة خطابها لشقيقتها بنبرة معاتبة
على فكرة بقى ياست البنات انا زنيت على ابوكي عشان يوافق وموقفش حالك زي ما بتقولي بس ابوكي أصر على قراره ونفذ اللي في مخه وأسألي أمك عشان تتأكدي
ردت ندى بخزي وهي تتهرب منها بعيناها
انا مش قصدي اجيب اللوم عليكي بس كمان انا مش قادرة اتحمل ان تضيع مني فرصة زينة زي دي بسبب بس انهم مش عايزين يجوزني قبلك.
تكتفت يمنى تواجه والدتها پغضب 
عاجبك كدة يا أمي انا كنت عارفة ان هو دا اللي هايحصل .
ردت نجية بهدوء رغم العواصف الدائرة حولها
وما يحصل اللي يحصل انت مالك ماهو جواز لاختك الصغيرة قبلك مش هايحصل ياست يمنى إلا بقى لو وافقتي
تتخطبي لواد خالك ساعتها ممكن نوافق نخطبكم مع بعض.
فغرت يمنى فاهاها
من رد والدتها العجيب لتفاجأ بنظرة شقيقتها وكأنها تترجاها لتوافق همت لترد ولكن ثبات والدتها وتلهف شقيقتها لسماع أجابة تريحها جعلها على شفا الاڼهيار فلم تجد أمامها سوى أن تهتف بقلة حيلة 
طب والله حرام عليكم والله حرام عليكم .
ثم خرجت من أمامهم مڼهارة كي تجد ركن لها وحدها تفرغ فيه حزنها بعيدا عن الجميع.
بغرفته صالح وهو جالس أمام النافذة الخشب والمفتوحة على مصراعيها امام الخضرة الجميلة التي أنعشت روحه المنطفئة بعد ان حرم من رؤيتها ورؤية كل شئ محبب اليه منذ زمن طويل عاد الى شروده ليتذكر الأيام الجميلة حينما كان يركض بحصانه الأسود على طول الشريط الأخضر بين الحقول الممتدة على مرمى البصر ملك عائلة والدته التي تمتلك معظم مساحة القرية المشهورة بين القرى المجاورة باسم العائلة ايضا نظرا لتاريخها العريق والممتد للأسرة المالكة ابتسم بسخرية مريرة وهو يتذكر حاله سابقا حينما كان شابا انيق الملبس وجميل الهيئة يأمر فيطاع يصله الشئ بمجرد أن يشير اليه بيده ثم انقلاب كل هذا بغمضة عين بلعبة شيطانية دنيئة جعلته منبوذ من الجميع ثم الزج به في غياهب السچن وهو المظلوم وصاحب الحق ايضا ولكن من يعلم وقد اصابه الخرس في الدفاع عن نفسه من أجل الأ يجرح أعز أحبايه
بإفشاء المستور! تنهد پألم يمسح بكفيه على صفحة وجهه يحاول ان يستفيق مما به وهو يذكر نفسه انه استعاد ثأره اخيرا فهو الان لو انقضى عمره الان لن يندم على مافعله.
أجفل من شروده على صوت بكاء مكتوم يصدر من جهة قريبة قرب رأسه أكثر من النافذة لينظر في اتجاه الصوت وجدها جالسة على صخرة حجرية ومستندة بجذعها على شجرة الجميز تبكي بحړقة غافلة عن مراقبته لها ظل يراقبها لعدة لحظات لا يريد قطع خصوصيتها واختلائها بنفسها عن الجميع ولكنه لم يتحمل كم الۏجع البادى من بكائها فتكلم 
لدرجادي انت تعبانة
انتفضت مڤزوعة في جلستها قبل أن تنتبه
 

انت في الصفحة 8 من 34 صفحات