في بنت برأ عايزه تقابل حضرتك
أصدقائه
و طبعا سميحة والدة أروى لم تمانع فالمهم
عندها هو أن يتزوج إبنتها....
اما أروى المسكينة فقد كانت اشبه بجسد
بلا روح وسط أقاربها الفرحين بحفل
الزفاف الذي ادخل على القصر بعضا من
البهجة و الفرح...تشعر انه سيغمى عليها من الخۏف في كل دقيقة
تمر و كأنها تساق نحو هلاكها...
تعالت دقات قلبها و
يتقدم نحوهها بجسده الضخم و هيئته
المرعبة التي جعلت قلبها يهوي داخل اضلعها
فزعا و ړعبا منه...
رفعت يدها بسرعة لتمسح دموعها التي نزلت
رغما عنها و هي تتخيل الچحيم الذي ينتظرها
في حياتها القادمة...فهي لطالما سمعت عن
جبروته و عجرفته و غروره....
جلس بجانبها دون إهتمام بها حتى أنه لم يلتفت
من جديد و يتجه نحو بعض المدعوين يصافحهم
و يرحب بهم....
بعد سويعات قليلة كانت أروى تجلس في جناحه
من ديكورها القاتم الذي يعكس شخصية
صاحبها خاصة اللون الاسود الذي طغى
على المكان ليعطيه مظهرا كئيبا و مرعبا بالرغم
من فخامة التجهيزات......تنهدت بصوت عال و هي تتمنى داخلها لو أن كل ما تعيشه هو كابوس لعين و ستصحو منه بعد قليل...
على الوقوف أمام والدتها ودت لو أنها إستطاعت
الهرب لكن إلى أين كان يجب أن تجرب
كل شيئ قبل أن تستستلم.. كان يجب أن تحارب
أكثر من ذلك أن تظل قوية و ان تبحث عن حل
آخر...
أخرجها من دوامة أفكارها دخوله المهيب
بطلته الجذابة ببدلة الزفاف التي زادته
عندما رآها ثم زفر بحنق قبل أن يكمل
سيره نحو الحمام ليغير ملابسه...
خرج بعد دقائق يرتدي ملابس بيتيه سوداء
اللون و ينشف شعره بمنشفة بنفس اللون...
رمى المنشفة بإهمال على أقرب كرسي
قبل أن يتقدم نحو طاولة الزينة ليأخذ منها
زجاجة عطره ليرش منه بسخاء على جسده
السوداء ليجلس عليها بارتياح واضعا ساقه
فوق الاخرى...إلتفت نحوها بعينيه الحادتين
يطالع هيئتها بسخرية....
صغيرة و ضئيلة الحجم لا تكاد تصل لاسفل
صدره لا ينكر جمالها الملفت و خاصة عينيها
السوداء الشبيهة بأعين الريم...أغمض عينيه
بتعب ثم ارجع رأسه مستندا إلى ظهر الاريكة
فجأة... فليس فريد عز الدين من يفقد السيطرة
على نفسه بهذه السهولة...
تحدث بصوت غليظ أجش ليقطع صمت الغرفة
عندما ناداها تعالي...
و هي تتمسك بفستانها الكبير و كأنه سيحميها
من هذا الۏحش الجالس أمامها... تقدمت نحوهه
بخطوات بطيئة مترددة و هي تتحاشى النظر
نحوه رغم تأهب حواسها لأي حركة تصدر منه....
أقعدي خلينا
نتفاهم . نطق مرة أخرى
له بعد أن كادت تقع أرضا من شدة توترها....
فرك فريد ذقنه الحاد قليلا قبل أن يهتف من
جديد قلتيلي إسمك إيه
شهقت أروى بداخلها و شعرت بغصة تجتاح
حلقها جعلتها تعجز عن التحدث و هي تستمع لما يقوله...تزوجها و هو لا يعرف حتى إسمها ألهذه الدرجة هي بلا قيمة...ليت والدتها كانت موجودة
حتى تسمع وترى نتيجة أفعالها....
أردف من جديد بنبرة لا مبالية متجاهلا صډمتها
التي ظهرت جليا على وجهها إفتكرت..إسمك
أروى المهم...
إسمعيني كويس عشان في حاجات مهمة لازم تعرفيها عني و تعليمات لازم تلتزمي بيها عشان الحياة تستمر بيننا أنا إنسان عصبي جدا و بكره
إني اقول حاجة و متتنفذش...إنت طبعا عارفة
أنا تجوزتك ليه ...إنت هنا عشان تهتمي بلجين
بنتي... للأسف مامتها توفت و سابتها فهي
محتاجة ام بديلة تهتم بيها و تراعيها...عاوزك
معاها أربعة و عشرين ساعة ...هدومك و حاجتك كلها في أوضة لوجي....و مش عاوز اشوفك مرة ثانية هوبتي ناحية أوضتي...
و مفيش خروج من القصر لا تقوليلي ماما و لا أختي
و لا صاحبتي...أي حاجة تحتاجيها تقوليلي و انا حوفرهالك...اتمني إن كلامي واضح عشان
مش عاوز أعيده ثاني و دلوقتي تفضلي....
أنهى كلامه و هز يشير نحو باب الجناح يأمرها بالخروج بكل وقاحة لتقف أروى من مكانها حاملة فستانها الثقيل و تسير نحو الخارج و هي تتنفس
الصعداء...
رغم شعور الإهانة القاټل الذي شعرت
به و هو يعاملها و كأنها خادمة بل هي بالفعل
خادمة لابنته ألم يخبرنا ان سبب زواجه منها
هو الاعتناء بالطفلة...لكن ما أشعرها الارتياح
هو بقائها بعيدا عنه و هذا ماحمدت الله
كثيرا من أجله..
ستتجاهله أجل سوف تحاول بكل الطرق الإبتعاد
عنه و عدم الاحتكاك به و عدم رؤيته من جديد
لقد كان ان يغمى عليها منذ قليل و هو
يحدثها بهدوء فماذا سيكون حالها لو وقفت
أمامه و هو غاضب....
فتحت الباب المقابل للجناح و دلفت للداخل
لتبتسم رغما منها من مظهر الغرفة الزاهية
بالوانها البيضاء و الزهرية التي بعثت بعض
البهجة و السعادة بداخلها ....
تقدمت للداخل لتجد فتاة صغيرة جميلة
للغاية تنام بهدوء على الفراش...إبتسمت
بتلقائية و هي تمرر أصابعها على وجنتها
الحمراء المكتنزة التي جعلت أروى تود
تقبيلها لكنها تمالكت نفسها لتتجه نحو
الخزانة حتى تغير هذا الفستان الثقيل
الذي تحملت إرتدائه عدة ساعات...
جذبت الغطاء بعد أن تمددت بجانب
الصغيرة لتغلق عينيها بتعب و هي تزيح
من عقلها جميع الأفكار التي تزاحمت فجأة
لتؤرق نومها متمتمة بداخلها أحسن الحمد لله
إنها جات على كده يارب يفضل زي ماهو
و خليه بعيد عني دايما ...
في الولايات المتحدة الأمريكية..
رفع رأسه من على كتلة الأوراق التي تفترش مكتبه بإهمال... مدلكا صدغيه بتعب منذ يومين و هو على هذه الحال لم يذق طعم النوم او الراحة يريد إكمال آخر جزء من هذه الصفقة حتى يعود للوطن... فقد
حان وقت الاڼتقام...
فتح درج مكتبه ليخرج ظرفا كبيرا يضم صورها
جميلة جدا بل فاتنة حد الجنون كما تركها...
ضحكتها الخلابة التي سلبت عقله منذ النظرة
الأولى لازالت كما هي لم تتغير....
قبض على الصور بقوة و عيناه تزداد قتامة
من شدة الڠضب...كلما تذكر ما فعلته به في
الماضي.. كيف خدعته بكل سهولة و مزقت
قلبه لاشلاء غير مبالية بمشاعره التي سحقتها
تحت قدميها بكل قسۏة و أنانية...
نسيته بكل سهولة و أكملت حياتها و كأن شيئا
لم يكن و كأنه لم يكن موجودا في حياتها...بينما
هو لا زال يعيش على ذكراها...لم تغب عن تفكيره
لحظة واحدة....مايزال يتذكر ذلك اليوم المشؤوم
الذي إكتشف فيه خداعها له تحت مسمى الحب....
تنهد بصوت مسموع و هو يتفحص تلك الأوراق
من جديد... سامح منصور إبن رجل الأعمال
عبدالله منصور...رجل آخر يتقدم لخطبتها ليقوم
هو بابعاده
كما تعود منذ سنتين...
ضحك بسخرية و هو يحاول ان يتذكر كم عدد
الرجال الذين أجبرهم على الإبتعاد عنها بمساعدة
فريد شقيقه وسيف إبن عمه رغم معارضتهما
لافعاله إلا أنهما في الاخر يرضخان لطلبه.....
لكن الآن إنتهى كل شيئ... سيعود من جديد
لأجلها... لأجل كرامته و رجولته.. لأجل قلبه
الذي فقده منذ خمس سنوات على يد طفلة
لم تتجاوز التاسعة عشر من عمرها....سيعود
حتى يأخذ بثأره منها كما وعدها في آخر لقاء
بينهما... فهو رجل و الرجال لا تنكث بوعودها ابدا..
أشرق صباح جديد على قصر آل عز الدين...
لتستيقظ تلك الجميلة ذات الشعر البني الحريري
و العينان الساحرتان... مطت ذراعيها بكسل
قبل أن تتمتم بنعاس قائلة تروماي معدي على
جسمي مش سايب فيه حتة سليمة...
حركت يديها على فراشها بحثا عن هاتفها
لتجده اخيرا تحت الوسادة... فتحته لتشهق
دي الساعة عشرة... جدي حيسمعني الموشح
بتاع كل يوم علشان بتأخر....
رمت الهاتف ثم إتجهت مسرعة نحو الحمام
لتغسل وجهها و تغير ثيابها و تنزل للأسفل
حيث وجدت جميع العائلة محلقين حول
طاولة الإفطار كعادتهم كل صباح....
قائلة بتلعثمصباح الخير يا جدو... انا آسفة
عشان نزلت متأخر...
أشار لها لتسير نحو مقعدها بجانب هشام
الذي كان يرمقها بنظراته العاشقة المعتادة...
همست و هي تقطب جبينها بتعحب الظاهر
إني مش انا لوحدي إللي صحيت متأخر النهاردة....
هشام بخفوت صباح الورد يا نوجة...لا كلنا
صحينا متأخر متقلقيش داه حتى سيف
خرج من شوية بس...
إنجي هااا و انا بقول ليه جدو مزعقليش
زي عوايده...
هشام بابتسامة يلا إفطري عشان اوصلك
لكليتك في طريقي....
زمت إنجي شفتيها بعدم رضا و هي تتذكر
كيف حرمها جدها من سيرتها منذ اسبوعين
بعد أن تجاوزت السرعة المحددة لها في إحدى
المرات و هي في طريقها للكلية بعد أن إستيقطت
متأخرة كعادتها و تم سحب رخصة سياقتها...
بعدها تولي شقيقها فريد توصيلها إلى الجامعة
كل صباح لكنه اليوم عريس و لذلك كلف الجد
هشام بهذه المهمة و هذا ماجعله في غاية
السعادة حتى أنه كاد ان يقبل جده صباحا
لكنه تمالك نفسه في اللحظة الأخيرة....
خرجا بعد أن إنتهيا من تناول الفطور...
فتح لها الباب بحركة نبيلة لتدلف إنجي السيارة غير مهتمة بذالك اللذي كانت عيناه لا تحيدان
عنها...و كأنه لا يرى غيرها في المكان...
في الطريق للجامعة... إنزلقت إنجي بجسدها
لأسفل الكرسي قليلا قائلة بنعاس هشام.... ممكن
تحجزلي في أي أوتيل عشان عاوزة اكمل نومي.. و لما تيجي تروح المساء تعالي خذني في سكتك....
ضحك عشام و هو يلتفت نحوها ليجدها
منكمشة على نفسها كقطة صغيرة تغلق عيناها
إستعدادا للنوم...
هشام بضحك إنت حتنامي بجد و إلا إيه...
مينفعش كده قومي و صحصحي داه إنت عندك
محاظرات دلوقتي....
هزت أكتافها بكسل و هي تجيبه مش عاوزة
أروح الكلية... حنام في المحاضرة و الله... على فكرة المفروض مكنتش آجي عشان إمبارح الفرح
و انا فضلت سهرانة لوقت متأخر .....
هشام بتهكم و قد تذكر طلتها الساحرة التي
جعلته يشعر بالڠضب و الغيرة الشديدة من
عيون الحاضرين الذين كانوا ينظرون لها بإعجاب
و فضلتي طول الليل بترقصي....
إنجي بسخطالله مش فرح اخويا...
هشام و هو بحاول تهدأة نفسه اه فرح اخوكي
و اديكي النهاردة مصبحة في الكلية... خليه
ينفعك بقى....
إستقامت إنجي في جلستها ثم مسحت وجهها
تنشط نفسها قليلا قبل أن تلتفت نحو هشام
الغاضب... ضيقت عينيها بمكر قبل أن تضع
يدها على يده الموضوعة فوق مقود السيارة
ليتنتبه لها هشام و يستدير نحوها دون أن ينبس
بكلمة....
إنجي و هي ترفرف بأهدابها قائلة بدلالهشام...
هشام بنبرة هائمة بعد أن سيطرت عليه بلمسة
بسيطة من يديها و نظرة من عينيها روح
قلب هشام... .
إنجي بخبث و هي
نحو الإمام كدلالة على حزنها مش عاوزة
أروح الكلية....
إبتلع هشام ريقه بصعوبة
و هو يشعر بتعرق
جبينه رغم برودة الطقس ليهتف بصوت
متقطع ليه بس يا نوجة...مش يمكن ععندك
محاضرات.... مهمة و لازم تحضريها....
ملتفتة للجهة الأخرى من السيارة ليتنهد
هشام بيأس من دلالها الذي يكاد يذهب
بعقله فهو لحد الان لا يزال غير مصدق انها
الان تجلس بجانبه و عطرها الهادئ برائحة
الياسمين يملأ سيارته....
هشام باحباط طيب خلاص يا نوجة متزعليش
أنا حاخذك الجامعة ساعتين بالكثير شوفي وراكي إيه و بعدها حاجي آخذك ثاني نتغدى سوى و نقضي بقية اليوم مع بعض عشان للأسف مش حقدر ارجعك القصر ..
إنجي و قد لمعت عيناها بسعادة لا قصر إيه
داه جدو يولع فينا إحنا الاثنين...
بعد القليل من الوقت كانت سيارة هشام
تقف أمام كلية الإعلام التي تدرس بها إنجي
التي ودعته و نزلت متجهة نحو أصدقائها..
أدار هشام سيارته الناحية الأخرى حتى يعود
أدراجه نحو المستشفى التي يعمل بها لكنه
لمح إنجي صدفة تقف مع شابين و
فتاة قرب
الباب الخارجي للكلية....
ضيق حاجبيه عندما لمح أحدهما يضع يده
على شعرها ليكز هشام على أسنانه پغضب
و يوقف السيارة فجأة حتى إحتكت العجلات
بالأسفلت مصدرة صريرا مزعجا... أغلق باب
السيارة پعنف
ثم أخرج هاتفه ليطلب رقمها
و عيناه مازلتا مثبتتان عليها حتى