روايه اوتار الفؤاد
تقى أنه غير راض عن تلك المفاجأة التي كانت سارة بالنسبة لها كانت خلجات وجهه كانت غير مقروءة وعيناه تائهتان نسبيا. غطت بطنها بثيابها سريعا وسحبت الغطاء عليها وهي تسأله بحذر
هو إنت مش مبسوط
حملق فيها بشرود طفيف كان واجما على عكس فرحته بوليدته البكرية حياة والتي كان ينتظرها بشغف كبير أطبق على شفتيه ليحتفظ بصمته المريب وكأن عقله تخلى عنه لينتقل إلى عالم آخر لم يجد ما يوصف به مشاعره حاليا نعم سيولد له طفلا ذكرا سيحمل اسمه ويكون امتدادا لنسله شرد يفكر في مستقبله الغامض أحس بالخۏف والرهبة في نفس الوقت خشي ألا يحسن تربيته فيفسده مثلما فعل أبيه الراحل معه تجهم بائن كسا ملامحه تعجبت تقى من سكوته الذي طال وبات هاجسها يقينا محسوسا ابتلعت ريقها لتقول
انتشلته من تفكيره الشارد لينظر لها بحنان قبل أن يرد بفتور
كله خير يا حبيبتي.
عبست تعبيراتها متسائلة بحزن مس قلبه
إنت زعلان صح
أمسك أوس بكفها وفركه بين راحتيه سحب شهيقا عميقا لفظه ببطء ليبرر لها سبب توتره
مش الفكرة يا تقى بس.. أنا خاېف
سألته بحيرة
من إيه
أجابها بعد تفكير ونظراته القلقة ظاهرة لها
مدت يدها لتمسح على صدغه مستشعرة خوفه من المجهول ابتسمت له ابتسامة رقيقة تذيب الجليد وتزيح الهموم رمقته بنظرتها الحنون قائلة له
أوس .. حبيبي أنا واثقة إنك هتربيه كويس وهيطلع أحسن مني ومنك خليك واثق في كلامي.
ثم مازحته بغنج
وبعدين شكلك بتحب البنات أكتر قول! اعترف!
اتسعت ابتسامته قليلا وهو يرد بتنهيدة بطيئة
هامسة له
ربنا يخليك ليا يا حبيبي.
صغير بلا رقيب ولا حسيب أحاسيس جمعت بين الضعف والخۏف والوحدة والرهبة ارتعد من احتمالية خوض وليده الذكر ما مر به لينشأ مثله قاسېا جاحدا وناقما على أبويه. نفض مؤقتا تلك الأفكار السوداوية التي اجتاحت عقله كان عليه أن يبذل مجهودا كبيرا ليخفي ذلك فلا ينتقص من فرحة حبيبته شيء.
استدارت نحوه ترد بأنفاس شبه لاهثة
حاضر.
أبطأت في خطواتها الصاعدة للأعلى وقفت أمام باب منزلها تدقه بكفها وانتظرت على أحر من الجمر أن تراها تفتحه لها كما كانت تفعل قديما أشرقت عيناها ولمع وجهها حينما تحققت أمنيتها وأبصرتها أمامها هتفت بسعادة
ماما
ثم ارتمت في أحضانها تقبلها بحب كبير بادلتها والدتها القبلات الودودة قبل أن تعاتبها بوجه ممتعض
سامحيني يا ماما بس الظروف عندي كانت آ...
قاطعتها بتذمر ونظرات مزعوجة على الأخير
خلاص مالوش لازمة العتاب!
ردت عليها ابنتها بضيق محاولة تبرير عزوفها عن استقبالها في المطار
والله ڠصب عني أنا متأخرش عنك أبدا
وما إن أبصرت أوس يصعد على الدرج ونظراته القاسېة ترتكز على وجهها حتى تراجعت عن حدتها لتقول برقة
أنا مش زعلانة منك ده إنتي ضنايا الغالية
ضمتها مرة أخرى وربتت على ظهرها بحنو مبالغ فيه. أبعدتها عنها لتسألها باهتمام
ها قوليلي عاملة إيه دلوقتي
أجابتها مبتسمة
الحمدلله في نعمة.
واللي في بطنك
بخير يا ماما أومال بابا فين وخالتي تهاني
أجابتها متصطنعة الابتسام
جوا يا حبيبتي خشي سلمي عليهم
ولجت إلى الداخل والحماس يملأ صدرها للالتقاء بوالدها الذي اشتاقت إليه وافتقدت أحاديثه المهدئة للروح والباعثة على الأمل والتفاؤل. ظلت فردوس باقية في مكانها تراقب ابن أختها بعينين قلقتين فلن تنطلي عليه بسهولة أكذوبة الأم المهتمة بابنتها توقف قبالتها يرمقها بنظرة قوية اخترقتها وڤضحت خدعتها أمامه ارتجفت من هيبته التي تلبك بدنها ارتعشت بقوة حينما حرك شفتيه لينطق محذرا وهو يشير بسبابته
إياكي تفكري تضايقيها!
ادعت الانكسار وهي ترد مدافعة عن نفسها
أنا معملتش حاجة يا ابن أختي.
صاح بخشونة جعلتها تجفل كليا
اسمي أوس باشا ماتنسيش نفسك معايا.
ابتلعت ريقها في حلقها الجاف قبل أن تعاتبه برفق شديد الحرص
بقى دي صلة الرحم يا باشا
لم يحب أبدا أسلوبها الدوني في استجداء عطفه أو حتى الحصول على شفقته لم ينس ليوم ما اقترفته في حق زوجته طغت ذكرياته معها على السطح فقست نظراته وتوحشت ملامحه ثم رد عليها بصوته المتصلب والذي أرعبها كثيرا
قبل ما تكلمي عن صلة الرحم افتكري اللي عملتيه في تقى زمان وإزاي كنتي هتخسريني بنتي كمان فاحمدي ربنا إنها سامحتك لأنها لو مكانتش عملت كده مكونتش هاسيبك تتنفسي لحد دلوقتي وبدل ما كنتي خسړتي عينك كنت هتخسري روحك
أحست بالړعب يجتاحها ارتجفت شفتاها قائلة بانهزام زائف
أنا توبت ورجعت لربنا وأديك شايف بأعاملها إزاي
رد عليها بقساوة ووجه جاف للغاية
شغل الأونطجية دي مايخلش عليا
حركت فمها لتقول
أنا...
قاطعها بغلظة جعلها تنتفض في وقفتها
ولا كلمة زيادة!
أومأت برأسها في خنوع وتحركت مبتعدة عنه لتنجو ببدنها من شره المتراقص في عينيه ورغم هذا فكرت في استمالته نحو أطماعها إذ ربما يوافق على طلبها إن أقنعته بحجة قوية ترددت قبل مفاتحته لكنها حسمت أمرها بالمحاولة فإن وافق كانت هي الفائزة وإن اعترض فلن تخسر شيئا استجمعت جأشها لتقول بصوت شبه مرتبك
طب أنا كنت عايزاك في موضوع كده
نظر لها بازدراء محتقر كان على يقين تام أن نواياها خبيثة وأن شخصها الكريه لن يتغير أبدا استأنفت قائلة بابتسامته جمعت بين الانكسار والرجاء
يعني إنت ماشاءالله ربنا فاتحها عليك من وسع ومعاك شيء وشويات ربنا يزيدك بس يرضيك جدة عيالك تعيش هنا في المكان الموبوء ده
رد ببرود قاس ونظراته المتأففة نحوها تعلو وجهه
أه عندك اعتراض
أشعرتها لهجته الخشنة بأنه على وشك الھجوم عليها وسڤك دمائها دون إبداء ذرة ندم واحدة تخلت على الفور عن أطماعها لترد بتهكم ساخط
لأ خلاص طالما إنت راضي بكده هاتكلم أقول إيه أديني هاحط الجزمة في بؤي وأسكت
علق عليها بعدم اكتراث
يكون أحسن
استشاطت غيظا من ازدرائه العلني لها تركته واقفا في مكانه لتجلس على الأريكة وهي تغلي كمدا وحنقا كټفت ساعديها أمام صدرها ووجهها المشتعل يكاد ينفجر تجاهلها عن عمد وتحرك حولها يجوب الصالة بنظرات فاترة استدار برأسه للخلف حينما سمع صوت والدته تناديه بتلهف
أوس ابني!
لوحت فردوس بذراعها في الهواء ساخرة
اجري
سلمي يا تهاني على ابنك..
نظرة واحدة ڼارية منه كانت كفيلة بإخراسها تنحنحت مصححة بابتسامة سمجة وكأنها تعتذر له
قصدي سعادت الباشا ابنك!
رد بهدوء لطيف يناقض أسلوبه الجاف والحاد مع من تسمى خالته
تعالي يا ماما هنتكلم فوق
انتبهت فردوس لجملته الأخيرة وتحفزت في جلستها لتتلصص عليه محاولة تفسير مقصده بينما عقدت تهاني ما بين حاجبيها في استغراب وهي تسأله
فوق فين
أجابها مبتسما ونظراته المتسلية بإغاظة فردوس مركزة عليها
في الشقة اللي فوق ما هو أنا نقلت ملكيتها باسمك عشان لو تحبي تقعدي براحتك من غير ما حد يضايقك
متعللة أن وجوده في حياتها يغنيها عن أي شيء ثمين في الأخير اضطرت أن ترضخ أمام إصراره العنيد ووافقت على امتلاك المنزل إذ ربما تحتاج إليه مستقبلا. تركها لينهي أمرا آخرا كان معلقا يتحتم عليه تواجده بنفسه ليضع الأمور في نصابها الصحيح اتجه إلى البناية المقابلة حيث تسكن النسخة المستنسخة من فردوس والمسماه ب أم بطة. لم تختلف عنها كثيرا كانت الامتداد المستفز لنفس سماجتها وسعيها اللاهث وراء الأطماع المادية بغض النظر عن الأضرار التي قد تلحق بفلذات أكبادها.
صعد إلى منزلها بالطابق العلوي دق الباب بدقات ثابتة وانتظرها تفتح له وما إن رأته الأخيرة حتى شهقت مذعورة وارتدت متراجعة للخلف وقسماتها تعكس فزعا مقروءا. وطأ أوس بخطوات ثابتة للداخل دون أن يحيد ببصره عنها رمقها بنظرة مطولة مليئة بالحنق والكراهية ثم استطرد متسائلا بخشونة ضاعفت من حالتها المرتعدة
مش أنا حذرتك قبل كده ما تجيش جمب هالة
ردت نافية ومدافعة عن نفسها فورا
والله يا باشا ما عملتلها حاجة دي هي اللي انطست في نافوخها وكانت عاوزة ټنتحر.
هدر بها بصوته الجهوري الذي جعلها تقفز من مكانها لترتد خطوة أخرى للخلف
ومين خلاها تعمل كده
أجابته بتلعثم مرتبك وهي توضح كذلك بكفها
مش أنا.. ده المخفي على عينه منسي وأهوو غار في داهية والبوليس مسكه و...
بدت مبرراتها كالعادة إلقاء اللوم والذنب على الآخرين لتنفي التهم عن نفسها متناسية عن قصد أن ما مرت به ابنتها كانت هي سببا أساسيا فيه استفزه ادعائها للبراءة لذا قاطعها متابعا بلهجته القاسېة ومهددا بسبابته
قعاد بنتك معاكي هيضيعها وأنا مش هاستنى أما ده يحصل وإلا هدفعك التمن غالي
ارتعدت فرائصها من تهديده الصريح شحب لون
وجهها وهي تسترق قلبه
يا باشا إنت ظالمني ده أنا أمها محدش هيخاف عليها زيي
نظر لها شزرا وهو يعقب ساخطا
لأ واضح خۏفك عليها بديل كانت هتنتحر
ردت عليه دون تفكير لتظهر على حقيقتها
هي اللي عملت ده من نفسها عشان تفضحنا بزيادة أل يعني كنا ناقصين!
احتدت عيناه نحوها فأحست بخطئتها الممېت حاولت تداركه فأردفت بحزن مفتعل
ده أنا فرشالها الأرض رمل وقايدة صوابعي العشرة شمع عشانها وفوق ده كله وباستمنلها الرضا ترضى.
اشتعلت نظراته أكثر ومع صمته المتعمد ليدفعها دون أن تشعر للاسترسال والبوح لتزداد أخطائها مصمصت أم بطة شفتيها لتضيف باستنكار
ده مافيش أم زيي والمفروض يعني هي اللي تراضيني وتجري عليا ده بيقولوا الجنة تحت رجلي و...
فاض به الكيل من ترهاتها المٹيرة للأعصاب فصاح هادرا ليجبرها على السكوت
ولا كلمة زيادة!!!
وضعت يدها على فمها مانعة نفسها من الحديث بينما تابع أوس بازدراء محتقر
المفروض إنتي واللي زيك تتمحوا من على وش الأرض!
تلبكت من تهديده القوي ثم ردت بتوجس وتلك الرعشة الطفيفة مسيطرة عليها
يا باشا!
أكمل تعنيفه القاسې يهاجمها
عمالة تلفي وتدوري وإنتي الغلط نفسه ده بعد بنتك عنك رحمة ليها
ردت عليه بخنوع مجبر
اللي إنت شايفة صح اعمله يا باشا هو حد يقدر يعارضك
وقبل أن يوبخها بالمزيد من الكلام الموجع اقټحمت بطة المنزل صاړخة باسمه ليلتفت نحوها
أوس باشا!
وقفت قبالته تستجديه بتلهف
الله يكرمك طمني على أختي.
تجمدت نظراتها المتمعنة في وجهها قائلا لها
هي بخير
سألته بعاطفة صادقة وتلهف حقيقي
عاوزة أشوف هالة هي فين
رد باقتضاب وهو يشيح بوجهه للجانب
في أمان
استعطفته بإلحاح وهي تدور حوله لتقف قبالته
طب بالله عليك تخليني أشوفها من ساعها ما الإسعاف خدها من هنا وهي ولا حس ولا خبر