روايه اوتار الفؤاد
الدائرة بينهما إلى حد ما غريبة على مسامعها تساءلت بحرج وهي تشب بقدميها للأعلى قليلا لتصل إلى أذن أوس فلا يسمعها المصور ويسخر من جهلها حتى لو في نفسه
ده عبارة عن إيه
أوضح لها ببساطة ووجهه محتفظ بإشراقته
دي جلسة تصوير لينا يا حبيبتي يعني أنا وإنتي هنتصور مع بعض بس صور مش تقليدية حاجة مختلفة ومميزة
ردت متسائلة باستغراب
حاول جاهدا أن يخفي ضحكاته المستمتعة بعفويتها التلقائية ورد عليها مؤكدا
مش هاينفع لازم نظهر بشكل معين
قطبت جبينها وضاقت نظراتها نحوه فهي تحاول أن تفهم ما الذي يدور في رأسه لم يتركها أوس لحيرتها وبادر مفسرا بكلمات متأنية لتستوعب جدية ما يفعله حتى وإن كان مغلفا بالطابع الرومانسي
علقت دون تفكير
طب ما ده حقيقي
بس الناس متعرفش كده الصور والشو الإعلامي هيفرقوا معانا هيخلكوا الكل يحس وېلمس ده ويتمنوا يكونوا مكانا أو حتى يعملوا زينا
ثم التقط كف يدها وقربه من فمه بعد أن انحنى عليه ليقبله هامسا لها
زي كده يا حبيبتي
خجلت من تودده الرقيق لها في حضور المصور وسحبت يدها على عجالة من بين أصابعه التي اشتدت على أناملها لتمنعها من الإفلات تركها مضطرا حينما أصرت على إبعاد يدها ونظرت له قائلة بارتباك ووجهها يلمع بدمويته الخجلة
شعر بربكتها وترددها فطمأنها قائلا بثقة
أنا عارف إنك مش متعودة على النوعية دي من جلسات التصوير وأنا زيك مكونتش عاوز كده لكن احنا مضطرين عشان نقدر نكون جبهة تكون معانا ده غير إنه هايكون أكبر رد على أكاذيب رغد وكلامها اللي بتقوله على الميديا
هزت كتفيها في عدم فهم وعادت لتنظر إلى المصور بحيرة أكبر أحست باللمسة الحنون على جانب ذراعها وأوس يميل عليها ليهمس لها مغازلا
أسبلت عينيها نحوه فنظر لها ملء عينيه وهو يقول لها بتنهيدة أشواق
بأحبك
خفق قلبها بقوة مع تلك الكلمة التي عنت الكثير لها أخرجها من عالمها الوردي صوت ريمون القائل
ها يا فندم نبدأ
هز أوس رأسه بالإيجاب وهو
يرد
أوكي!
استعان المصور بخبراته الاحترافية في ذلك المجال ليحرص على إظهار مشاعر الحب المتأججة بين الزوجين من خلال ضبط وضعيات رومانسية مميزة تعكس شغفهما الحقيقي والتقاط ذلك بعدسة كاميرته وليظهر التناسق بينهما طلب منهما ريمون ارتداء الثياب التي تتقارب في ألوانها مع بعضهما البعض فارتدت تقى كنزة بيضاء دستها في بنطالها ذي اللون الرملي الداكن المحدد من الخصر لينسدل بضيق طفيف عند القدمين حيث ارتدت حذائا ذو كعب عال لتبدو أنيقة وناعمة في هيئتها التي اكتملت بحجابها الرقيق نظرت بهيام ووله إلى أوس الذي تخلى عن ألوانه الداكنة لأول مرة ليرتدي سروالا يصل لركبتيه من نفس لون بنطالها مع قميصا أبيض اللون في البداية كانت مرتبكة ومتوترة مما انعكس عليها وجعل تعبيراتها تشتد وأطرافها في حالة عدم استرخاء رفع أوس يديه أعلى كتفيها ليضغط عليهما برفق أردف قائلا بهدوء
ردت بارتباك
مش عارفة حاسة إن شكلي مش حلو و....
قاطعها بعتاب
مش حلو إزاي كده إنتي بتقلي من نفسك وأنا ماقبلش بده أبدا
عبست قائلة
إنت بتهزر يا أوس دي أول مرة أعمل كده في حياتي
ابتسم معلقا
ومش هاتكون الأخيرة
ثم رمقها بنظرة مطولة ناعمة للغاية
أنا بأعشقك
التهبت بشرتها من غزله الصريح وقبل أن تحرك شفتيها لترد وضع إصبعه عليهما يتلمسهما برقة همس لها قائلا
لم تجادله وامتثلت لطلبه الآمر فأطبقت على جفنيها لتستمتع بتلك اللمسات الهادئة المغرية التي خففت قليلا من حدة توترها لحظة وشعرت بيديه تحاوط خاصرتها وتشدها إليه برقة أكثر حتى التصق صدرها بصدره فتحت عينيها لتحدق في وجهه الذي بات قريبا للغاية نظرت في عينيه الناطقة بحبه وغاصت فيهما حاصرتها نظراته الحالمة وأسرتها همساته المغازلة فتناست تدريجيا وجود المصور لتنخرط في تلك الأجواء الرومانسية برع ريمون في تسجيل لحظاتهما دون أن يقاطعهما تركهما يظهران مشاعرهما بأريحية تامة وجسد ذلك بالتقاط عشرات الصور من زوايا مختلفة لينتقي منها في النهاية الأفضل والمميز وما إن انتهى حتى قال له أوس بصرامته المعتادة
تقدر تتفضل دورك انتهى
حرك رأسه بإيماءة خانعة قبل أن يرد بأدب
تمام يا فندم ووقت ما حضرتك تحب هننشر الصور
اكتفى بالإشارة له بيده لينصرف الأخير بعدها تاركا الثنائي بمفردهما على متن اليخت أخرجت تقى زفيرا مطولا من صدرها لتستدير في اتجاه أوس متسائلة باهتمام وقد كټفت ساعديها أمام صدرها
احنا هنعمل إيه دلوقت هنرجع الفيلا
رمقها بنظرة ذات معنى وهو يجيبها بعبثية
لأ طبعا
فهمت ببديهية ما يرمي إليه فخجلت وأرخت ذراعيها تراجعت ببطء للخلف مشيرة له بسبابتها
أوس احنا في عرض البحر وده عيب و...
قاطعها متسائلا بابتسامة مغرية
إيه اللي عيب
ردت بتلعثم وقد اشټعل وجهها على أخره
إنت فاهمني كويس
ابتسم ممازحا
ده إنتي حامل مني يا حبيبتي يعني مافيش حاجة تتكسفي منها
أولته ظهرها آملة أن تركض هاربة منه قائلة باعتراض صريح
لا مش هاينفع أنا هانزل و...
توقفت عن إتمام جملتها لتشهق عاليا حينما انقض عليها أوس ليمسكها من خصرها أطبق جيدا بكفيه عليها فلم تستطع الهروب منه مال عليها بشفتيه فتلمس وجنتها أحست بأنفاسه الساخنة ټحرقها وهو يقول لها
مش بالساهل تبعدي عني!
نادته بهمس مقاومة سيل المشاعر الجارف الذي اجتاحها
أوس
كانت فاقدة للإحساس بالأمان في حضرة والدتها فجل ما يهم الأخيرة هو الحصول على النقود والتخلص من عبء المسئولية الملقاة على عاتقها حتى وإن كلفها ذلك الټضحية ببناتها لمن لا يؤتمن عليهن وإن عقدت مقارنة بسيطة بينها وبين فردوس فلن يختلف الحال كثيرا كلتاهما تبحثان عمن ينتشلهما من الفقر دون الاكتراث بنتائج ذلك وتأثيره على فلذات أكبادهما تحركت هالة وهي مسلوبة الإرادة تنفيذا لأوامر أمها ولا أهمية لما تعانيه في صمت من أوجاع نفسية تحطمها بل وتقتلع بشراسة روحها تغلغل بداخلها إحساسها بالانهزام والضعف تبعتها في حزن حيث وجدت آخر من توقعت رؤيته في البداية لم تنظر نحوه كانت منكسة لرأسها محدقة پانكسار فيما يوجد أسفل قدميها وكأنها تتحاشى من جديد نظرات الشماتة والتشفي في أعين من يقوم بزيارتها لينظر إلى أي حال قد وصلت بعد تعدي منسي عليها فالكل قد جاء ليشهد نتائج جريمته عليها.
في البداية نظر لها يامن بابتسامة حاول إخفائها ولكن حينما أمعن النظر في تفاصيلها جيدا لاحظ ذبول ملامحها لم ترفع وجهها إليه قطب جبينه باستغراب أشد انخفضت عيناه لتتأمل حجابها الواسع الذي غطا نصفها العلوي لم تكن من النوعية التي ترتديها في الأغلب ولكن علل ذلك بكونه قد جاء لزيارتها في المنزل فكانت على أريحيتها ما أثار ريبته أيضا هو تدلي أكمام قميصها المنزلي المترهل عليها بشكل لافت للأنظار وكأنها تخبئ كفيها بهما بل وجسدها بالكامل ومع ذلك لم يلق بالا للأمر فالأهم عنده أنها واقفة أمامه وبخير لاح شبح ابتسامة باهتة على ثغره وهو يقول بلطف
إزيك يا هالة
تصلب جسدها بالكامل وتخشبت في مكانها فور أن سمعت صوته المألوف يمر في أذنيها رفعت رأسها لتنظر إليه بذهول
رغم السحابة الكثيفة من العبرات التي تغلف مقلتيها اكتست تعبيراتها بأمارات الصدمة ثم ما لبث أن تحول اندهاشها إلى انزعاج غاضب فقد اقتحم رأسها كافة المشاعر السلبية المشحونة ضده لم يكن ينقصها إلا حضوره المتطفل ليذكرها بأمثاله ممن يحتقرون الأقل شأنا منهم شحذت عقلها پغضب غير مفهوم ضده ورمقته بنظرة مطولة حانقة تنحنح يامن مبررا وجوده في منزلها دون ميعاد مسبق فتابع بتلعثم بسيط
أنا حبيت أطمن عليكي قصدي يعني أوس كلفني أشوفك لما غبتي عن المدرسة
سألته بحدة وقد أوشكت على فقدان قدرتها على التحكم في أعصابها
هو إنت بتراقبني
رد بارتباك وهو يتعمد الحفاظ على جمود تعابيره
مش كده بالظبط أنا ....
لم تمهله الفرصة لاختلاق الأكاذيب وإقناعها باهتمامه أو اهتمام غيره الزائف بها فهدرت به منفعلة وكأنها تلومه على مجيئه
إنت عاوز مني إيه
خشيت والدتها من تفاقم الحوار بينهما وتحوله إلى شجار غير محمود العواقب التصقت بها لتنهرها بابتسامة لزجة وصوتها منخفض إلى حد ما
بالراحة يا هالة احنا اتفقنا على إيه
لم تنظر نحوها بل بقيت عيناها مثبتة على وجه يامن وهي تصيح به مستخدمة يدها في التلويح
أنا لسه عايشة أهوو وقول للباشا مايقلقش على فلوسه في الحفظ والصون وزي ما وعدته كل مليم صرفه عليا دين في رقبتي هسدده
تفاجأ من عصبيتها الزائدة وهجومها العڼيف نحوه بالرغم من كونه لم يفعل ما يسيء لها اقترب منها عدة خطوات لتلتقي النظرات الحادة مع بعضها البعض ثم هتف قائلا بخشونة متعمدا إضفاء صفة جادة ورسمية في نبرته
وأنا مش جاي أسأل على فلوس الموضوع وما فيه إنك مش بتروحي مدرستك وده مكانش في الاتفاق
ابتسمت بتهكم لتشير إلى استخفافها بحديثه هنا استشاطت نظرات أم بطة التي كانت تتابع انفعال ابنتها بصبر محدود لكزتها بقسۏة في جانب ذراعها معنفة إياه
اتكلمي عدل يا بت مع الضيف
أبعدت عيناها الحمراوتين لترمق والدتها بنظرة مليئة باللوم والعتاب اختنق صوتها وهي تقول لها
متقلقيش يا أم البنات فلوسك هتوصل زي تملي وكلامي ده مش هو اللي هايمنعه
اشتعلت نظرات أمها أكثر من أسلوبها الملتوي في الحديث ڼهرتها مجددا بغلظة
اتعدلي يا بت
تابع يامن جدالها المثير للشكوك بقلق أحس بوجود ما تخفيه الاثنتان عنه وليست المسألة
كما ادعت أمها بأنها مريضة بالزكام تراجعت هالة خطوة للخلف فاتحة ذراعيها في الهواء قبل أن تضيف من تلقاء نفسها
هو أنا قولت حاجة غلطت ما هي دي الحقيقة الفلوس تهمك أكتر مننا
صعقټ أم بطة من الطريقة المريبة التي تتحدث بها ابنتها أمام الضيف الغريب والتي تنذر أيضا بکاړثة وشيكة رفعت سبابتها تحذرها
لمي لسانك يا بت وحسابنا مع بعض بعدين
مجرد توعدها بالرد الصارم أثار ضيقه وجعلت دمائه تحتقن أضافت هالة قائلة وهي لا تزال في حالتها غير الطبيعية تلك
أكتر من كده خليه يعرف إنتي بتحبي مين أكتر
رمقتها والدتها بنظرات ڼارية تعكس حنقها منها ومع ذلك استمرت هالة في صړاخها وكأنها شعلة انطلقت فجأة
مش مهم عندك بناتك ولا إيه اللي يحصلهم المهم تقبضي التمن في الآخر
ثم أشارت إلى نفسها متابعة بأنفاس تهدر
وأنا مش فارقة معاكي مش حاسة باللي أنا فيه
اغرورقت عينا هالة بالدمعات الحاړقة وهي تكمل بنحيب مؤلم
بطة ضاعت قبلي وإنتي قبضتي تمنها والدور جه عليا
سكتت والدتها مبهوتة من إفراجها عن مكنونات صدرها بتلك الصورة الفجائية التي عرت حقيقتها المخزية حقا لم يكن ينقصها إلا صراحتها القاسېة لينفضح كل شيء حلت هالة أزرار كمي قميصها لتكشف