رواية مالك
بالترجل عن السيارة ثم ركض للداخل ليطلب المساعدة فلبى الممرضون طلبه وأحضروا الفراش النقال لحملها به فى هذه الآونة كان مالك قد أنتهى من عمله وسار بضع خطوات ليستقل أحدى الحافلات التي تمر من هذا المكان فلمح بزاوية عينيه عمرو ورحيم وهم يلتفون حول الفراش النقال ويدلفون للداخل خلف الممرضين فأضطربت حواسه وأزداد الذعر بداخله فتقدم نحوهم سريعا ليلحق بهم خوفا من أن تكون تلك المحمولة على الفراش هي حبيبته ولكنه عندما
عبر بوابة المشفى كان الجميع قد أختفى من أمامه فتقدم بخطى متعجلة نحو الأستقبال وأستفسر عن الحالة التي حضرت للتو فأبلغته موظفة الأستقبال بأنه تم نقلها إلى قسم الطوارئ وأشارت له على الطريق فأنطلق مسرعا
عمرو وهو يتأفف بغيظ سيبتولها السايب فى السايب لحد ما ڤضحتنا
رحيم كل حاجة لسه في إيدينا ياعمرو أهدى وخلينا نطمن على أمك وبعدين نشوف حل مع الو.... دي
عمرو بنبره متذمرة انت بتقول أي ياعمي !! ده انا هدفنها و........
_ جحظت عينيه بقوة وأشعل الڠضب من رأسه فأندفع نحوه عندما رأه يتقدم نحوهم بينما أمسكه أبيه حتى لا ينفلت منه زمام الأمور و...
عمرو وهو يكز على أسنانه بقوة هروح أقوله أديني أختك ألف بيها لفتين عشان داخلة دماغي
_ سحب عمرو ذراعه پعنف من أبيه ثم أنطلق بخطى أشبه للركض نحوه في حين كان مالك مصاپا بالذهول من هيئته ونظراته له حتى أفيق على تهجم عمرو عليه وقد أمسك بتلابيبه وصړخ به پعنف و..
عمرو ياعديم الرجولة يا.... ده انا هطلع..... و......
عمرو ده أنا لأقطع أيدك اللي أتمدت على حاجة مش بتاعتك
_ أنقض عليه عمرو بشراسة حتي أسقطه أرضا
الفصل العاشر
وأي راحة بعد فراقها .. وقد سكنت روحي قلبها
إندفع عمرو كالثور الهائج حينما رأى مالك أمامه لينقض عليه ثم طرحه أرضا وإنهال عليه باللكمات المتتالية في حين نجح الأخير في صد معظمها ..
اسمعني طيب الأول
رمقه عمرو بنظرات ڼارية وهو يهدر فيه پغضب
بنات الناس مش لعبة عشان تلف وتدور عليهم
نظر له مالك بإندهاش وسأله بتعجب
ليه بتقول كده
هدر فيه عمرو بنبرة غاضبة
ترضى إني أقرطس أختك وألف عليها
زادت نظرات مالك حدة وسأله بحنق
الله ! ليه الغلط بس
يعني مش عارف عملت إيه ولا بتستعبط
تدخل رحيم في الحوار وهتف بضجر وهو يمسك بكتف ابنه
ياخي ده انت عندك أخت راعي ربنا فيها !
تجهم وجه مالك بشدة وتجمدت تعابيره .. وابتلع ريقه بتوجس .. وتسائل بحيرة هل كشف أمره وعرفت مسألة إرتباطه بإيثار .. ولكنه لم يفعل معها أي شيء مشين هو أحبها واعترف له بحبها ..
إزدرد ريقه مجددا ورمش بعينيه ..
انضم مدحت إلى أخيه وصاح بغلظة
وهما شباب اليومين دول يعرفوا ربنا أصلا ولا عندهم رجولة أو نخوة .. !!!
هتف مالك بلا لحظة تردد ليحسم سوء الظن ب
أنا .. أنا غرضي شريف وعاوز أخطبها وآآ...
قاطعه عمرو قائلا بتهكم
بقى حتت عيل تافه زيك لسه بياخد المصروف من أهله عاوز يخطب ويتجوز
دافع مالك عن نفسه قائلا بحنق
أولا أنا مش عيل وقريب أوي هاخلص دراستي وهاكون نفسي وآآ...
قاطعه تلك المرة رحيم بسخط
كمان يعني محلتكش اللضة أصلا وجاي تتكلم !
أضاف عمرو قائلا بنبرة مهينة وهو يرمقه بنظرات إحتقارية
مش بأقولك تافه وعويل
رد عليهما مالك بثقة وثبات
ماهو كل واحد بيبدأ حياته من الصفر محدش بيتولد كبير وأنا نيتي خير وإن شاء الله هاعملها كل حاجة !!
هتف عمرو بصوت جامد يحمل الصرامة
طلبك مرفوض وامشي من هنا بدل ما أخرشمك
اتسعت حدقتي مالك پصدمة
بينما أكمل رحيم بصوت يخلو من الحياة
معنديش بنات للجواز
ثم ربت على كتف ابنه وتابع بحدة
يالا يابني خلينا نشوف أمك ونطمن عليها
تسمر مالك في مكانه وهو يتابع بعينيه الدامعتين انصراف عائلة إيثار ..
ربما يكون قد تسرع في عرض طلبه فقوبل بالرفض القاطع لأن الظروف غير مهيئة .. ولكنها كانت محاولة يائسة منه للدفاع عن حبه العذري لها .. لقد أساء التصرف ومع هذا أراد أن يحمي تلك النبتة الطيبة التي غرست في أرض حبهما ..
جل ما شغل تفكيره الآن هو ما الذي حل بها .. وإن كانت عائلتها قد عاملته بتلك القسۏة فماذا عنها
خفق قلبه برهبة كبيرة وهو يظن الأسوأ قد حل بها ..
فغمغم مع نفسه پخوف بائن في نظراته ونبرته
إيثار لازم اطمن عليها واعرف اللي حصلها !
ركض مالك ناحية مدخل المشفى ليعود إلى المنزل ليطمئن على حبيبته قبل عودة أهلها ...
تحسست إيثار موضع الآلم الذي ترك ورما واضحا أسفل عينها
تأوهت بأنين خاڤت وهي ترثي حالها ..
بكت حزنا على والدتها التي حاولت أن تفديها وتذود عنها من بطش أخيها وأبيها ..
إنتحبت وهي تحدث نفسها
ليه كل ده أنا .. أنا معملتش حاجة غلط ليه الافترى والكدب عليا ! ليه
كفكفت عبراتها بظهر كفها وتابعت بصوت باكي
يا ترى انتي عاملة ايه يا ماما قلبي هايموت عليكي
رفعت بصرها للسماء وهمست برجاء
يا رب اشفيها وخفف عنها وهون عليها تعبها !
إستمعت هي إلى صوت دقات خاڤتة على باب منزلها فركضت خارج غرفتها لترى من الطارق ..
لتنظر من العين السحرية الموجودة بالباب فرأته أمامها ..
خفق قلبها بشدة وضمت ذراعها إلى صدرها وكتمت بكفها فمها ..
إنه ذلك الحبيب الذي أوقعته الصدف في طريقها ..
كافحت لتكتم شهقاتها وانهمرت العبرات بغزارة لټغرق صدغيها ..
شعر مالك بإنتحابها المكتوم .. فأسند كفيه على الباب وهمس لها بصوت مخټنق
أنا عارف إنك جوا وسمعاني
تنهدت بحړقة وهي تقاوم بشراسة خروج صرخاتها من صدرها المكلوم ..
أضاف بنبرة حزينة وهو يمسح بأنامله على الباب
إيثار طمنيني عليكي حد عملك حاجة اخويكي مد ايده عليكي
استشعر إختناقة صدرها فهتف بتوسل شديد
إيثار أنا حاسس بيكي .. إيثار ردي عليا أنا ... أنا لو ماسمعتش صوتك مش هامشي من هنا !
خشيت هي أن يصر على بقائه وتتعقد الأمور أكثر فأجابته بصوت منتحب
أنا .. أنا كويسة
استعطفها قائلا بإصرار
طب خليني أشوفك لو لثانية بس
ردت عليه بنشيج وهي تزيح عبراتها
امشي يا مالك من فضلك امشي قبل ما حد يجي ويشوفك
سألها بتلهف وهو يتنهد مطولا
انتي كويسة طيب
أجابته بإيجاز
ايوه
سألها بفضول أكبر وهو يحاول طمأنة نفسه
طب .. طب عمرو عملك حاجة أبوكي ضړبك ريحيني
انفطر قلبها أسفا وتحسست أثار الإعتداء على وجهها وردت عليه بنبرة زائفة
لأ .. امشي بقى مش عاوزة مشاكل الله يخليك
كور مالك قبضة يده وهتف بصوت شبه جاد
ماشي أنا هامشي الوقتي بس راجع تاني يا إيثار ! ومش هاسيبك لوحدك أنا طلبتك للجواز وهاصر على ده اطمني يا حبيبتي أنا هافضل جمبك
وكأن كلماته كانت المسكن لأوجاعها .. فإبتسمت رغما عنها وسط تلك الأنهر المسالة من الدمعات الحارة .. وهمست لنفسها برجاء
يا رب نكون لبعض !
عاد مالك إلى منزله ودلف إلى غرفته دون أن ينطق بكلمة وأمسك بآلة الكمان وبدأ في العزف على أوتارها بلحن شجي حتى تصل نغماته إلى قلب حبيبته لتعرف أنه إلى جوارها في أشد أزماتها ..
أشفقت ميسرة على حاله واعتقدت أنه تشاجر مع إيثار ولم ترغب في مقاطعة عزلته .. فعادت إلى المطبخ لتغسل الصحون الفارغة ..
وقفت روان إلى جوارها وأمسكت بمنشفة جافة لتجفف الصحون المبتلة وتسائلت بفضول
هو مالك ماله أخد جمب ليه
ردت عليها بتنهيدة منهكة
سيبه على راحته
سألتها بلؤم وهي محدقة بها
طب هو الاسعاف كان بيعمل ايه هنا
ردت عليها بصوت متعب
مش قولتلك طنطك تحية تعبت وراحت المستشفى
أضافت قائلة بفضول أكبر
بس أنا سمعت طراطيش كلام آآ..
قاطعتها ميسرة بصوت حاد وهي تجذب المنشفة من يدها
روان مالناش دعوة بأي حاجة تتقال خليكي في مذاكرتك وسيبي دول من ايدك
زفرت على عجالة وهي تردد بإمتعاض
ماشي يا عمتو !
مرت عدة أيام ظلت فيها إيثار حبيسة المنزل ومنقطعة عن الدراسة رغما عنها .. فقد منعها أخيها من الخروج وامتثلت مضطرة إلى أوامره .. كما تعمد أن يوصد الشرفة فحرمت من التمتع بلحظات معدودة من رؤية من خفق لأجله قلبها .. ولكنها لم تحرم من الإستمتاع بموسيقاه الحزينة التي عزفت على أوتار قلبها لتؤكد لها أنه مازال معها وإن كان يفصل بينهما عشرات الجدران ..
فقط ذكرى تلك الزهرة وما قبلها من لحظات غالية هي أثمن ما بقي معها .. وامتزجت بشوق مع ألحانه
الشجية ..
مسحت بأناملها العبرات العالقة بأهدابها وتنهدت قائلة بيأس
أكيد هنشوف بعض قريب !
دفعها عمرو من كتفها للخلف وهو ينهرها بصوت جاف
وسعي شوية سبيها تاخد نفسها !
رمقته بنظرات معترضة وهتفت بإحتجاج
مش وحشاني عاوزة أفضل جمبها !
أردف رحيم قائلا بصوت هاديء
بعدين يا إيثار روحي جهزي لأمك لقمة تاكلها
ردت عليه تحية بصوت مرهق وهي تشير بكفها
مش وقته يا حاج .. أنا هريح شوية
هتفت إيثار بنبرة متحمسة
نورتي البيت يا ست الكل والله مكنش ليه حس من غيرك وآآآ...
قاطعها عمرو بنبرة غليظة وهو يلكزها في جانبها
لازم أشخط فيكي عشان تسمعي الكلام وسعي وسيبي أمك ترتاح !
نظرت له بغيظ وهتفت معاتبة
يا عمرو دي ماما مش كفاية مشوفتهاش الأيام اللي فاتت ومخرجتش خالص من البيت ومرضتش أتكلم
رد عليها بصوت منفعل
وانتي عاوزة تخرجي تعملي ايه بعد اللي هببتيه
هتفت بإستغراب وهي مضيقة لعينيها
مش عندي كلية وامتحانات وآآ...
قاطعها بنبرة جادة للغاية وهو متجهم الوجه
انتي مش هاتروحي إلا ورجلي على رجلك وأنا جبت جدولك خلاص وهاوصلك وأوديكي !
إتسعت حدقتيها في إندهاش عجيب وإنفرجت شفتيها لتردد پصدمة
هاه انت ..إنت بتقول ايه
رد عليها بإقتضاب صارم
ده اللي عندي !
إلتفتت إيثار برأسها نحو أبيها وأشارت بذراعها وهي تقول بنفس النبرة المصډومة
بابا انت سامع عمرو بيقول ايه
أجابها ببرود وهو يحدجها بنظرات قاسېة
ده الصح ولو هو مش فاضي أنا موجود يا إما تفضلي هنا في البيت لحد الامتحانات !
أدركت إيثار أن كلا من أبيها وأخيها حسما أمرها والنقاش معهما بات مستحيلا .. لذا هتفت بصوت يائس وتعابير وجهها مليئة بالإحباط
خلاص اللي تشوفوه !
لازم مالك غرفته وظل قابعا بها لفترات طويلة وشاردا وسط ألحانه الحزينة ...
إنزعجت ميسرة مما أصابه وما زاد من حزنها عليه هو معرفتها لسبب ذلك الضيق الذي يعتريه ..
فقد انقطعت لحظات التواصل المميزة مع ابنة الجيران وأيضا مراقبته إياه جالسا بالشرفة لساعات ومحدقا بالأعلى .. فتأكدت ظنونها بوجود خطب ما بينهما ..
لذا هداها تفكيرها أن ترسل إليه زوجها